كريم يونس عميدُ الأحرار.. حُرّاً!

في العام 1983، اعتقلت قطعان الاحتلال الشاب كريم يونس، ابن الـ 23 عاماً من على مقاعد الدراسة في جامعة بن غوريون بـ “تهمة” حيازة أسلحة محظورة وتهريبها للمقاومة الفلسطينية، والانتماء لمنظمة محظورة حركة “فتح”، وقتل جندي يهوديّ. وتمّت محاكمته بدايةً بالإعدام شنقاً، ثمّ تمّ بعدها الحكم عليه بالسجن المؤبد لفترة مفتوحة، ليستقر الحكم عليه بتحديد الفترة بأربعين عاماً.

بعد 40 عاماً من سجنه، أخرجت قطعان الاحتلال عميد الأسرى، كهلاً، بعمر الـ 66 عاماً، لتُقبّل جبينه شمس فلسطين السوريّة لأوّل مرّة منذ 40 عاماً، رغم أنّ خوف المُحتلّ من الفرح في عيون الفلسطينيين جعلهم يفرجون عنه في محطة للحافلات في مدينة رعنانا شمالي تل الربيع بعيداً من منطقته عارة، كما هدّدت المخابرات اليهودية عائلته بعقوبات في حال أقامت احتفالات بالإفراج عنه أو رفعت الأعلام الفلسطينية أمام منزله، وهدّدت كذلك أصحاب القاعات في البلدات العربية داخل الخط الأخضر ومنعتهم من استقبال أي احتفال لمناسبة الإفراج عنه.

ولأنّ الأسر، الّذي خرّج، من داخل سجونه، أبطالاً فوق العادة، يوضح مفهوم القضية لمن هم على احتكاك لحظوي ومن مسافة صفرٍ مع اليهود، أوّل ما دعا إليه يونس فور تحريره، لا الإفراج عنه، أن “تتوحّد الفصائل الفلسطينية بوجه اليهود، كما هم الأسرى موحّدين داخل المعتقل”، وأكّد أنّه على استعدادٍ لتقديم 40 عام جديد لفلسطين.

المشهد الّذي يكسر عين المحتلّ الّذي أنزل يونس بعيداً من بيته تفادياً لرؤية الاحتفالات، هي الاحتفالات عينها الّتي ضجّت بها فلسطين استقبالاً له واحتفالاً به.

هذا الفرح والانتصار، تنغّصه لدى الأسرى المُحرّرين تحديداً، فكرة حريّتهم أمام الإبقاء على 4500 أسير بين جدران أعداء البشرية. وقد أبى يونس إلّا أن يستذكرهم، ويطالب بحريّتهم، ويكون صوتهم خارج الزنازين.

الجدير بالذكر، أنّ أُمّ الأسير يونس، الّتي انتظرته لـ 40 عاماً، خانها قلبها قبل أشهر من الإفراج عنه، ووافتها المنية، قبل أن ترى ابنها حُرّاً، في حين أنّ والده توفّي في الذكرى الـ 30 لاعتقاله، في مشهدٍ هو الأصدق، والأوضح، عن حقيقة أعداء البشريّة، وإنسانيّتهم المزعومة.