المسألة الشرقية تعود للواجهة

يبدو أن المسألة الشرقية عادت إلى الواجهة من جديد مع اعتلاء الجولاني سدة الحكم في دمشق، وذلك لنفس الأسباب التي قوّضت سلطة ال عثمان فيما مضى، كما أن الأدوات التي استخدمت سابقاً ما زالت صالحة لتاريخه لتفتيت المفتت وتقسيم المقسم كمقدمات لنهب ما تبقى من موارد ووضع حد للعصب المحمدي الذي حكم العالم القديم لعشرات من القرون.

الملفت في النسخة الجديدة لتلك المسألة أن الجميع يخدم سيداً واحداً، يتنابذ معه هنا ويتقاطع معه هناك، أوروبا الغربية، روسيا، تركيا، وأنظمة المسخ في العالمين العربي والإسلامي. أما الأدوار التي تلعبها المقاومات لتاريخه فيمكن القول أنها محاولات إبطاء وعرقلة سرعان ما يلتف حولها أصحاب مشروع الهيمنة الإمبريالي، اذ أن جعبتهم لا تنضب لتشتيت قوة المقاومين وتفريق شملهم، خصوصاً وأن جبهات الإسناد وان اتصلت ببعضها البعض إلا أنها لم ترتق لتشكل جبهة متراصة وذلك لان حسابات الدول منها تختلف كلياً عن حسابات المقاومين على الأرض. أو ليس هذا ما شهدناه في الأشهر الماضية من روسيا وإيران وحكم آل الأسد.

التعامل مع المشهد الجديد مع تفرق العشاق ومع اعتلاء ترامب العرش الأميركي، يلزمه الكثير من التروي والتبصر والحكمة. فسيد البيت الأبيض شخصية استثنائية لا يتوانى عن تهديد الأقربين قبل الأبعدين من كندا للرياض والقاهرة وعمان. فما بالك ماذا يخبئ للأبعدين من الصين لروسيا مرورا بطهران وانقرة. الاكتفاء باللا التاريخية مع شراذم مقاومين وإسناد خجول من هذا النظام أو ذاك عدة اثبت أنها غير كافية. وعملية الأطباق على بكين وموسكو يحضر لها بعناية وتؤدة، وما زيارات إيلون ماسك للعاصمتين إلا لإرخاء العصب تحضيراً للمنازلة الكبرى. أن تكلؤ بوتين وبينغ وإشغالهم بأوكرانيا وتايوان ساهم كثيراً بتكشير أنياب الإمبريالية، ولاحقاً سيدفع الاثنان ثمن التلكؤ الذي حصل. والمواجهة المقبلة ستكون على حساب العالمين العربي والإسلامي.