كشف المهندس حيدر عثمان تفاصيل الإشكال الذي وقع معه في نقابة المهندسين، وتحدّث عن تفاصيل تحرّكات المهندسين المتقاعدين للمطالبة بحقوقهم.
وفي حديث لصباح الخير اعتبر عثمان أنه بعدما كان يجب أن تكون التأمينات الصحيّة شبه رمزية، أصبح على كل مهندس أن يدفع كل سنة 165 دولارًا أميركيًا مقابل التأمين الصحي، أي ما يعادل قيمة ثلاثة رواتب من راتبه التقاعدي، وإن كانت زوجته أيضاً مسجلة في التأمينات فيصبح المبلغ بقيمة ستة رواتب وكذلك الأمر بالنسبة للأولاد، فالنتيجة هي أن راتب المتقاعد سيذهب بأكمله للتأمينات على أن يُسدّد المبلغ نقداً في أوائل آذار، وهذه إساءة كبيرة للمهندس المتقاعد.
أمام الواقع الراهن الذي وصل إليه المهندسون المتقاعدون منذ أشهر وبعد أن انهار الوضع بشكل كبير، قام عدد منهم بتأسيس الهيئة التأسيسية لرابطة المهندسين المتقاعدين والتي لم تُقبل بعد من النقابة، ولكنها أصبحت أمراً واقعاً، بحسب عثمان، وتضم حوالي 450 مهندساً متقاعداً من أصل 4,200 مهندس متقاعد متوفى أو حي، وبدأوا بالتنسيق من خلال تشكيل هيئة مصغرة لتدير الأمور وقاموا بتقديم المطالب لمجلس النقابة ولإدارة الصندوق التقاعدي، ولكن لم يكن هناك أي استجابة بعد عقد عدة جلسات حوار مصغرة معهم.
حجتهم الدائمة كانت أنه لا يوجد مال في الصندوق، حتى بعد أن تم تأكيد العكس من خلال حسابات دقيقة لاشتراكات المهندسين والأموال التي تدخل الصناديق، إلّا أنّهم كانوا يتصرفون بالأموال كما يشاؤون.
يتابع عثمان “ثم بدأت الأمور بالتصاعد بعد إعلان أعضاء الرابطة عن أوّل اعتصام لهم، منذ حوالي الشهر والنصف في ساحة نقابة المهندسين داخل حرم النقابة، ولكن النقيب ومجلس النقابة استدعوا القوى الأمنية للحفاظ على النظام”. حينها تحدث عثمان شخصياً مع الضابط الموجود وأبلغه أنّ المهندسين في النقابة، أي في بيتهم، وما سيحصل إنّما هو بين “الأخوة والأهل” وأنّ جميع المتواجدين في الاعتصام هم مهندسون سلميون ولا حاجة لمكافحة شغب، واستمر الاعتصام حوالي الأربع ساعات وكانت الرابطة تطالب بالاجتماع مع المسؤولين ولكنهم جوبهوا بالرفض.
اثر ذلك نفذت الرابطة اعتصاماً ثانياً منذ شهر تقريباً، وحينها دخل أعضاؤها إلى المكاتب ولم يعتصموا في الساحات، وتوجهوا إلى الطابق الرابع تحديداً الذي يضم مكتب النقيب ومكاتب مجلس النقابة وغرف أمانة السر، وكانوا يهتفون مطالبين بحقوقهم، عندها خرج النقيب وقال لهم أنّ علاقتهم مع المصارف وليست معهم، ليجيبوه أنه هو الذي يجب أن يدافع عن حقوقهم أمام المصارف، لكنّه ورفقة المجلس النقابي تخاذلوا عن المطالبة بحقوق المهندسين المتقاعدين. يومها لم يصل الاعتصام لأي نتيجة إذ خرج النقيب وصرّح أنه سيصرف مساعدة اجتماعية قدرها 2,500,000 ليرة لبنانية زيادةً على راتب المتقاعدين، ولكن الرابطة رفضت هذه المساعدة معتبرة أنّ للمتقاعدين حقوقًا لن يقبلوا بتسميتها مساعدة اجتماعية، بل هم يريدون استعادة قيمة راتبهم الفعلي أي 900 دولار، ولو تدريجياً.
أمّا بالنسبة للاعتصام الثالث والذي حصل خلاله الإشكال، فقد كانت الرابطة قد أبلغت النقابة أنها ستقوم باعتصام في 20 كانون الأول وسيكون داخل المكاتب وستمنع الموظفين من العمل، وهذا ما حصل إذ أقفلت الأبواب الرئيسية من الساعة السابعة صباحاً وأوقِف عمل النقابة، حتى اكتشف المعتصمون أن هنالك مداخل سرية دخل منها الموظفون وباشروا أعمالهم، عندها اضطرروا إلى الدخول إلى المكاتب وإلى غرفة مدير عام النقابة وطلبوا منه إيقاف العمل، وبالفعل رحب بهم وطلب من الموظفين إيقاف العمل بحدود الساعة العاشرة، وتوجه للمتعاقدين قائلًا لهم أن مشكلتهم ليست معه فهو مسؤول عن الموظفين بل مشكلتهم مع لجنة إدارة الصندوق التقاعدي وأمين المال فيها أي الاستاذ ريمون خوري.
رواية عثمان تتابع أن أعضاء الرابطة توجّهوا إلى غرفة الأستاذ ريمون خوري وكانوا حوالي ال15 مهندس، وكان عثمان هو من تولى الحوار شخصياً ولكن عند دخولهم كان الأستاذ ريمون يتكلم على الهاتف ويدير لهم ظهره فلم يحترمهم بحسب قول عثمان، ولم يأخذ بعين الاعتبار وجودهم في مكتبه وأكمل حديثه عن الهاتف، وعند انتهاء حديثه على الهاتف وضعه جانباً وسألهم عن سبب تواجدهم في مكتبه وما هي مطالبهم، وعندما همّ المهندس بالكلام عاد خوري الى هاتفه متقصّدًا اظهار قلَة الاحترام، بحسب عثمان.
عند انتهائه من مكالمته التفت خوري نحو المهندسين موجّهاً لهم كلمة (نعم) فقط، فقال له عثمان أنّه إن كان المعتصمون قد ازعجوه بحضورهم إلى مكتبه فلتنازل عن “عرشه العاجي” وليتكلّم معهم في الساحة، فأجابه بحديّة أنه لا يريد التكلم معهم، وفي هذه اللحظة ركل بقدمه التي ضربت من تحت المكتب قدم عثمان، الذي وبسبب ألمه وقف وضرب بقبضته على الطاولة وقال لخوري “عمرك ما تحكي”، ليأخذ عندها أمين هاتف مكتبه الثقيل قديم الطراز ويضرب به عثمان على رأسه فأصابه بجرح عميق في حاجبه الأيسر، الذي تطلب خمس غرزات بعد التوجه إلى مستشفى بيروت المتواجد مقابل النقابة. وحضر النقيب مع عثمان إلى المستشفى واعتذر عما حدث، لكن عثمان أجابه أن هذه الضربة على رأسه كادت أن تقتله لو أنها كانت أقوى بقليل، وأنه كمهندس يدفع سنويًا 1000 دولار أميركي كاشتراك للنقابة منذ 40 عاماً، وجزء كبير منها موجود في الصندوق التقاعدي معتبرًا أنّ أمواله اغتصبتها النقابه، وأنّه تم التعامل مع المهندسين بطريقة مسيئة ووحشية وتعرض هو للضرب، لذلك فمطالب المهندسين المتقاعدين مقدسة وأنه سيلجأ للقانون وهو تحت سلطة القانون، وسيتوجه مباشرة من المستشفى إلى المخفر لتقدسم إدعاء شخصي. وبحسب عثمان فقد حاول النقيب أن يثنيه عن تقديم الدعوى، ليتم حل الموضوع داخلياً لكن المهندس رفض الطلب مؤكدًا أنّه لن يتراجع. كما قال أنّه تحدث لصحف عديدة مؤكّدًا أن مطالب الرابطة محقة وما زل الأعضاء مصرّين عليها. وأكمل عثمان أنّه بعد خروجه من المشفى أخذ تقرير الطبيب الشرعي الدكتور هشام ابو جودة الذي أعطاه إجازة سبعة أيام مع التحفظ وقابلة للزيادة، وكلّف المحامي إياد المعلوف بأن يتقدّم بالدعوى وفعلاً تمَ تقديمها في بعبدا، والتهمة هي محاولة الشروع بالقتل.
المهندس عثمان أكّد أنّ المسألة ليست شخصيّة مع أمين المال، إذ يبدو أنّ أزمة قد بدأت قبلها بثلاثة أسابيع وتم تصوير أعضاء الرابطة كمشاغبين وفوضويين وليس مهندسين وتم شطبهم من اللائحة، وقيل أنّهم أصبحوا قطاع طرق وما هنالك من كلام سخيف ومسيء للمتقاعدين. وقال أنّه سيذكر بالتحقيق بعد استدعاء القوى الأمنية له، وبأنّ هناك من خطط ومن حرّض وهناك من نفّذ. وأصرّ أنّ الإدعاء مستمر وأنّ الرابطة متمسكة بالدعوى الجزائية التي رفع، رغم محاولات النقيب لإجراء مصالحات تبويس لحى أو مصالحات عشائرية والتي رفضها المهندس، وهو وزملاؤه مستمرون بمطالبهم.
بعد ذلك جرت عدة محاولات، وكان آخر لقاء للرابطة مع النقيب ومع أمين سر الصندوق التقاعدي منذ أيام قليلة، لتطالب الرابطة باستقالة الأستاذ ريمون خوري الذي قيل لهم أنه قدّم استقالته بالفعل ولكن أعضاء الرابطة يقولون أنّه لا يوجد أوراق تثبت الاستقالة أو قرار مجلس النقابة. مما يعني أنّهم ما زالوا مستمرين بتصديهم للمهندسين ومازالوا يعتبرون أنهم لا يجب أن يستعيدوا أموالهم وليس من حقهم المطالبة بها، هم الذين وصلوا إلى المجلس النقابي بعد الانتخابات التي حصلت منذ سنتين تحت شعار التغيير وثورة 17 تشرين وعبر شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، فتبيّن أن شعارات الديمقراطية والتغيير وحقوق الإنسان أصبحت بالتعامل بهمجية والتعدي الجسدي بحسب كلام عثمان. وحتى هذه اللحظة لم يتجاوبوا مع المهندسين الذين ما زالوا مستمرين في التصعيد لنيل حقوقهم مؤكدين أنهم لن يكونوا مشاغبين أبداً، النقابة نقابتهم وبنيت من أتعابهم وعلى أكتافهم، وكل نشاطاتها وحركتها هم أساسها.
يختم عثمان بالقول أنّ الرابطة وأعضاؤها مستمرون بنضالهم وبالدعوى الجزائية، وهم سيستكمل اعتصاماتهم بالأسلوب الحضاري الذي يسمح لهم به القانون ولن يتراجعوا أبداً عن مطالبهم، ولا عن الدعوى، حتى استقالة ريمون خوري والاعلان عنها بقرار رسمي من المجلس النقابي، وعند تحقيق أي مطلب من المطالب الأربعة سيتنازلوا عن الدعوى الجزائية، أما إذا لم يحصل شيء من هذه الأمور فهم مستمرون بها.