الانهيارات المتتالية التي شهدتها الأمة، قد تبدو للبعض انها انكسارا تاريخياً للمنظومة التي كانت قائمة فيما يسمى بدول الطوق. وهي بالطبع كذلك بالرغم من الحالات البطولية في غزة والخيام وسواهما في الضفة وأرض الجنوب اللبناني وصولا إلى بغداد واليمن إلا ان منهج الصمود يشبه لحد كبير مناهج العرب السابقة ان بال 48او بال 67 أو حتى بالاجتياح الشاروني للبنان. امة تتعرض لأبشع غزوة في التاريخ الحديث من قبل الغرب الذي يستخدم اليهود في لعبته كونهم شعب منبوذ في الغرب، فضلا عن ملوك العرب ورؤسائهم ومذهب من هنا وإثنية من هناك.
منذ النكبة ونحن نبحث عن خلاص في العقائد المختلفة الديني منها والوضعي دون الأخذ بعين الاعتبار ان عدة الصراع لا يمكن ان تقتصر على المسألة الروحية فقط، لان ذلك يعني تحييد نصف المجتمع عن ذلك إذا لم يكن اغلبيته، وقد شهدنا ذلك في بغداد ودمشق وبيروت وحتى في فلسطين نفسها نهاجم كأمة وندافع كشراذم كل منها يغني على ليلاه. لكن الأنكى من ذلك هو قيام الذين عطلت جهودهم بسبب المذهبية والعقائد المختلفة الالتحاق بالمهاجمين ليقلبوا الأوضاع السائدة. هذا حالنا منذ مداهمة الفرس وبعدهم الإغريق والرومان وصولا للحالة الراهنة.
لم تشهد المنطقة حالة توحيد فعلية حتى مع الدين الإسلامي لو قال البعض بغير ذلك وألصق تهم التفرقة إلى هذا المذهب أو ذاك فكلنا يعلم تاريخ المنطقة وكيف تم الحكم أموي، عباسي، فاطمي الخ وتشبه بهم اولئك الذين أعلنوا الجمهوريات بحيث أصبحنا نردد مصر عبد الناصر، عراق صدام وسورية الاسد. الامر الذي يعني غياب لمفهوم الدولة بالمواصفات التي يجب أن تكون عليها، أرض شعب ومؤسسات ، فلا وطن بلا مواطنية ينعم اصحابها بذات الحقوق وعليهم ذات الموجبات .
البقاء في دوامة القبلية والعشائرية والدين والمذاهب انما انتحار جمعي لكل المكونات حتى تلك التي تعتبر نفسها حاكمة تستمد حكمها من الله. الأرض لها أقانيمها ولا تحكم بأقانيم السماء. فالسماء من ينشد جنتها عليه ان يصيغ أولاً جنة الأرض بعيداً عن القهر والظلم والحقد والكراهية والجشع ونفي وجود الاخر. تدمير الأرض يمكن القول أن من يفعل ذلك لن ينال بركة السماء ولو بعد حين. النموذج الذي يقام على الأرض هو مدخل لما ستكون عليه حياة ما بعد الموت.