للإسفاف والعنجهية قناة تلفزيونية..

طوال عقود من قتال أبناء جبل عامل والعرقوب وسائر مناطق الجنوب اللبناني لجيش الإحتلال، لم تجرؤ الآلة الإعلامية العبرية على التطاول على السيّدات والفتيات الجنوبيات. حتى حين كان عملاء لحد وجنود العدو ينكّلون بالجنوبيات والجنوبيين ويمارسون عمليات القهر والقتل والظلم والاغتصاب والخطف والاعتقال، كان إعلامهم يخرج للعالم بصورة مختلفة، لا يجرؤ فيها على الشتم، ولا على اتهام أهل الأرض سوى بقتاله!
ما لم يفعله إعلام الاحتلال، بل ما لم تجرؤ عليه الآلة الإعلامية الصهيونية، فعلته يوم الجمعة الماضي قناة الجديد التي تبث من كورنيش المزرعة، المنطقة التي شهدت على قتال العدو ومواجهة من كان ينكّل بأبناء الجنوب.
اعتقد الجميع، بمن فيهم الزملاء العاملون في صفوف القناة نفسها، أنّ ما اقترفه سوء نيّة المعدّين والمنتجين والمشرفين على البرنامج الذي تقدّمه داليا أحمد ستعالجه الإدارة باعتذار علني ومحاسبة داخليّة. ما اعتقده هؤلاء كان المنطق السليم لما تؤول إليه الأمور في المؤسسات الإعلامية في لحظات الوقوع بالخطأ. ما أتى موجعًا بحق، وغير متوقع بتاتًا، كانت حملة الدفاع الشرسة التي شنّتها إبنة الجنوب، مديرة الأخبار في الجديد مريم البسام، تجاه من كانوا يدافعون عن أنفسهم في وجه اتهام قد لا يصحّ توصيفه على صفحات صباح الخير البناء!
بغرور منقطع النظير، بفوقيّة لم يمارسها أحد في تاريخ الإعلام اللبناني، وبسوقيّة مطلقة، مارست البسام هجومها متسلِّحة بلغتها القوية، تمامًا كما كانت تسوق في مقدّمات نشرات الأخبار تبعًا لما تتطلّبه مصلحة المحطة، واليوم مصلحة المحطة تتجسّد في نسف صورة مجتمع واجه الاحتلال، صرعه، وانتصر عليه!
لا علينا، قد تكون مريم البسام عبدةً مأمورة لعبدٍ مأجور، وقد يولّد صراعها مع ضميرها حالة قلقٍ لن تفارقها، ولكن الأهم أن يدرك مجتمع المقاومة أنّ زمن التعاطي معه كمستهلك للمادة لا كشريك في تحضيرها قد ولّى، ولا يجب أن يعود.
“شاطرة” الجديد، وفعلتها مرارًا، تعود بعد السقوط المريع من خرم الإبرة، عبر مقدّمة تطال أمرًا هامشيًا تدغدغ به عواطف الناس ومشاعرهم، وتعيدهم إلى شاشتها هي التي ركبت لواء شيطنتهم مرارًا، وتشويه أخلاقهم في المرة الأخيرة.
قد لا يكون هناك في مهنة الإعلام من ضحّى أكثر من المراسل الحربي علي شعيب، هو الذي يعلم الأرض وأهلها وخَبِرَ قطرات الدم والعرق فوق ترابها، كما خَبِرت مريم البسام جهاز الآيفون وموقع تويتر، وكما خَبِرت الجديد الإسفاف والعنجهية وركوب موج التمويل السياسي. علي شعيب، الأستاذ، غرّد هناك حيث تداوم مريم وقال:
“راس السنة رح يكون يوم الرشوة العالمي ورح تركز الاتصالات على مناطق الجنوب، يلي برد وبقول الجديد وبيربح بكون مرتشي وعم ياخد من أموال حرام ، لأنّها مخصّصة لتشويه صورة المقاومة وبيئتها. فيكن تقولو الجديد باعت شرفها.”