ما أُعطي لـ “الجديد” أن يهين سواه

ما أُعطي لـ “الجديد” أن يهين سواه

“إنّ المرأة من الأُمّة بمنزلة الشعاع من السراج، وهل يكون شعاع السراج ضئيلاً إذا لم يكن زيته شحيحاً؟”
-جبران خليل جبران

تحت حجج كوميديّة سافلةٍ، يهتكُ الإعلامُ بشكلٍ شبهِ يوميٍّ بأعراض فئات مختلفة من الشعب.
ولأجل حفنةٍ من المشاهدات الّتي تدرُّ الأموال على أرباب الهواء، ينحدرُ مُستوى المواد الّتي تقدّمها وسائل الاعلام الى ما دون درك الابتذال والايحاءات الجنسية المُهينة وتحقير رموز وأيقونات ما كانت لتجرؤ برامجهم على أن تبثّ هواءً لو ما كانوا.

وفي مُستنقع الابتذال هذا، طالعتنا قناة “الجديد” في أحد برامجها “الكوميدية”، عبر إحدى الموظّفات -المؤدّيات- بالإيحاء بأنّ نسوة جنوب لبنان، مأزومات أخلاقيّاً، بحيث كُنّ “مُباحات” للإيطاليين والانكليزيين وغيرهم.

أمام هذا الانحطاط في التعبير والمقصد، المُستنكرَين والمُستهجنَين والمُحتقَرَين من قبل كُلّ من اطّلع قليلاً على تاريخه، وعلى تاريخ نساء بلاده، وعلى نسوة الجنوب تحديداً، يعجز المرءُ إلّا عن استذكار شهيدات من جبل عامل، وأُمّهات شُهداء من الجنوب، وأسيرات مُحرّرات خطّين بدمائهن وشرفهنّ عزّ هذه البلاد، حتّى ولو لم يكن باستطاعة الحقير أن يفهم النّبيل يوماً.

جبل عامل، مسقطُ رأس الشهيدة سناء محيدلي، عروس الجنوب، ليس مادةً مُباحةً لتلفزيونات استُبيح هواؤها اصلاً “لمن يدفع أكثر”، فيما حرمت موظّفاتها وموظّفيها من فُتات حقوقهم، جشعاً وبُخلاً.
جبل عامل، الّتي فضّلت ابنتها، الشهيدة سناء محيدلي أن تُقدّم جسدها قرباناً على مذبح حُرّيّة هذه البلاد وكرامتها، عوضاً عن تقديمه لمُستعمرٍ من هُنا، ومُحتلٍّ من هُناك، وشارٍ من الصحراء، ليس مادّةً يتسلّى بها حفنةُ من المُفلسين مادياً وأخلاقياً.
جبل عامل الّتي قارعت الاحتلال لعقود من الزّمن، أطهر وأشرف وأصلب من أن يمسّ شعبها، نساء ورجال، مجموعةٌ من المُزحفطين للريال والدينار تارةً، والفرنك والدولار تارةً أُخرى.

إنّ الإعلام الذي هو مرآة هذا المجتمع، لا يمكن أن يُشبه ما تقدّمه “الجديد” المعنيّة بالاعتذار لموظّفاتها الجنوبيات قبل غيرهنّ، لأنّ النساء الجنوبيات المقاومات اللواتي ربّين أبطالاً تُكلّلُهُم الأخلاق، لا ينتظرن ممن لا يعرفون عن الشرف والعار شيئاً أن يعتذروا لهنّ.

لروح الشهيدة سناء محيدلي وللمقاتلة سُهى بشارة، ولأُمّهات الشهداء والشهيدات، وللأسيرات المُحرّرات والمُعذّبات الحُبّ الكبير، لولاكُنّ لما كُنّا، وللهواء المُسمّم الخزي والعار.

رئيسة التحرير ريم زيتوني