الحرب الفاصلة وسلاحها الأمضى

الحرب الفاصلة وسلاحها الأمضى

يتساءل كثيرون عن جدوى عدم زج المقاومة في لبنان بكامل ثقلها وقدراتها في الميدان منذ اليوم الاول للحرب، خاصة وان الكيان اللقيط كاد ان يلفظ أنفاسه في السابع من أكتوبر 2023 بعد عملية “طوفان الأقصى”، لولا المنشطات الأميركية والاوروبية التي جاءت في الوقت المناسب لإعادة اعطائه جرعة البقاء.

قد يكون هذا التساؤل صحيحا فيما لو كان هذا العدو مستقلا بمشروعه وليس جزءا اساسيا من مشروع النهب الدولي التي تقوده الولايات المتحدة الاميركية بأذرعها الاخطبوطية الممتدة من الاطلسي حتى جنوب شرق اسيا والتي جعلت من هذا الكيان اللقيط اداة، بل عصى غليظة لتطويع من يقف في وجهها او يحاول التملص من هيمنتها وسيطرتها.

لا شك ان العالم الان يمر في ارهاصات الحرب العالمية الثالثة بين قوى تحاول ان تحافظ على النظام العالمي الحالي، نظام التفرد الاميركي وبين القوى الصاعدة لارساء نظام عالمي متعدد الاقطاب. ونقول ارهاصات لان جبهات القتال لم تفتح بعد على مصراعيها باستثناء اوكرانيا وغرب اسيا، ولم تكتمل صورة التحالفات النهائية للحرب. فهناك دول كبرى لم تأخذ موقفها النهائي في التحالفات القائمة مثل الهند وباكستان واميركا الجنوبية بمعظم دولها، كما والدول التي ستكون جزءا من جبنة التقاسم إذا لم تثبت دورها وفعاليتها مثل تركيا والجزيرة العربية والبلقان.

ان هذه الصورة هي التي تتحكم بمشهد الصراع والتي تشكل خلفية المقاومة ومن ورائها المحور بأطيافه كافة. ان المعركة طويلة وقاسية ولن تنتهي بمشروع وقف إطلاق نار مرحلي في غزة او في لبنان اوحتى في اوكرانيا، وان حصل فهو بالتأكيد استراحة للتحضير لجولات اخرى ومعارك اخرى قد لا تكون على ارضنا وحسابنا إذا ما استطعنا اثبات قدرتنا وفعاليتنا في هذه المعركة الجارية.

ولا يراهنن أحد على الادوار الوسيطة التي تقوم بها الامم المتحدة ولا الولايات المتحدة الاميركية ولا الدول الاوروبية. فالولايات المتحدة واذنابها الغربيين هم اصحاب المشروع والدلائل كثيرة، ولسنا بحاجة للعودة بالتاريخ الى بدايات اقامة الكيان اللقيط، ولكننا سنكتفي بما يفعله الشيطان الاكبر في الجولة الحالية من اسهامات عملية للدفاع عن الوليد غير الشرعي ، باعتباره دفاعا عن مشروعها ومصالحها على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية . قد يكون تعبير “الكيان قاعدة متقدمة في الشرق لصالح منظومة النهب الدولية ” هو الاكثر واقعية، والاكثر تطابقا من الناحية العملية لقراءة الظواهر والاجراءات التي تقوم بها الولايات المتحدة في هذه المنطقة.

انطلاقا مما تقدم، لقد قامت الولايات المتحدة بكل الاجراءات الممكنة لحماية قاعدتها، ولا يمكن من الناحية العسكرية اضافة تقديمات وقدرات اضافية قياسا على مبدأ عدم جدوى فعاليات اضافية نتيجة للاشباع الكلي لمنطقة العمليات من ناحية العديد او السلاح.

فاميركا لم تبخل على الكيان بتحريك مجموعتي حاملات طائرات وسفنهم المساندة وغواصاتها النووية وكل دفاعاتها الجوية المتقدمة من الباتريوت الى الثاد حتى ذخائر القبة الحديدية ومقلاع داوود، كما قدمت لها طائرات اف 35 وقذائف الاعماق والقذائف الارتجاجية الخاصة بالإنفاق وقذائف 2000 رطل والذخائر الانزلاقية عدا عن الدبابات وناقلات الجند وكميات كبيرة من تجهيزات الميدان. بالاضافة الى قيام الولايات المتحدة نفسها بعمليات الاستطلاع والمسح الالكتروني والتشويش والمسح الرادارى. الا ان اهم ما قامت به الولايات المتحدة هو ترصد ومتابعة قيادات المقاومة والمساهمة في عمليات اغتيالهم. ولا ننسى قيامها مع اذنابها الاوروبيين بالاشتراك بعمليات حربية وقصف ان كان من قواعدهم في الاردن وربما في قبرص على اليمن او في لبنان بعد تعثر القواعد الجوية في الكيان المحتل نتيجة للقصف الصاروخي من لبنان وإيران. ونستطيع القول ان الولايات المتحدة والغرب قد قاموا ايضا بدعمها على مستوى العديد البشري من المرتزقة والشركات الامنية والمتطوعين الصهاينة من اوروبا والاميركيتين وافريقيا وحتى من بعض الدول العربية.

هذا غيض من فيض الاجراءات الاميركية ولا نقول المساعدات كونها تدعم قاعدتها ونفسها. اما مبدأ المساعدة هو ما يتم في اوكرانيا. فعلى الرغم من اهمية الحرب في اوكرانيا بالنسبة للشيطان الاكبر الا انها لم تقدم على تحريك اساطيلها وحاملات طائراتها خلال ما يقارب السنوات الثلاث على الحرب في تلك الجبهة.

من هنا تظهر اهمية الحرب في هذه المنطقة التي تشكل قلب العالم الحقيقي بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية وبانها حرب حياة او موت للمشروع الغربي برمته.

وعلى هذا الاساس نتفهم احجام المقاومة من الدفع بكامل قدراتها العسكرية منذ اليوم الاول للمعركة الدائرة حاليا. فالحرب العالمية الثالثة لم تدر رحاها بكامل طاقتها ودول المحور وبالتنسيق مع الدول الرافضة للهيمنة الاميركية تعمل وعلى مستويات عدة، السياسية منها والاقتصادية بالاضافة الى العسكرية على تحضير وتجهيز نفسها للحرب الفاصلة القادمة لا محالة. وان السلاح الامضى في هذه الحرب هو سلاح الارادة والايمان باحقية القضية التي نعمل من اجلها. ولقد تجلى هذا السلاح بالمعارك اليومية التي تخوضها المقاومة على مساحة الصراع في مرحلة اقل ما يمكن وصفها بحرب الوجود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *