تمثال التطبيع يتهشم في المونديال، والمقاومة تزهر في فلسطين

في خضم حالة الغوغاء والضوضاء الإعلامية، وفصل الرياضة عن واقع السياسة والأحداث التي تمر بها المنطقة، ومحاولات إدماج الصهاينة في نسيج وعقل الشعوب في العالم العربي، والفبركة الدعائية الاسرائيلية التي تعمل على تسويق العلاقات الدافئة بينها وبين الشباب العربي، والتفاخر بادعاءات أن الشعوب العربية أصبحت جاهزة للتطبيع، يأتي الواقع صادماً حيث يُظهر المونديال الكروي في قطر كيفية التفاف الشعوب العربية حول المسألة الفلسطينية، ورفضها لنهج التطبيع مع “اسرائيل” الذي سلكته بعض الأنظمة العربية، من خلال حوادث تعرض لها إعلاميون وصحفيون اسرائيليون جاؤوا لتغطية المونديال فقوبلوا  بالازدراء، ورفض الظهور على الإعلام الاسرائيلي، فوصلت الرسالة واضحة أنهم مكروهون، غير مرغوب بهم، فاضطروا لإخفاء هويتهم الحقيقة ليتمكنوا من إعداد تقاريرهم.

    وعلى الجانب الآخر تستعر جذوة المقاومة في فلسطين المحتلة، تؤرق الصهاينة وأجهزتهم العسكرية والأمنية، بعمليات فدائية دفاعاً عن أرضهم وعرضهم ومقدساتهم، كبدت خلالها قوات العدو قتلى وإصابات ورعب.

    وتأتي العملية المزدوجة التي نُفذت في مدينة القدس المحتلة، عودة العمليات التفجيرية بعد غياب طويل، نتيجة عمل بنية تحتية منظمة تستطيع جمع معلومات استخباراتية وتملك متفجرات، ولها القدرة على تجاوز الرادار الاسرائيلي، إنها دفعة تحت الحساب للعدو الصهيوني على الانتهاكات والاعتقالات والاقتحامات، والقتل وتدمير المنازل وكل الممارسات الوحشية، جعلته يقف على قدم واحدة كمن أخذ صفعة وهو نائم، ليدخل في دوامة الإجراءات الأمنية والاستنفار، ويسابق الزمن لعله يعيد بعضاً من هيبته التي هشمها الشباب المقاوم، الذي يرسم اليوم تغييراً جديداً وتطوراً نوعياً دراماتيكياً غير مسبوق في قواعد الاشتباك والمقاومة.

    لقد أثبت الفلسطينيون من خلال هذه العملية قدرتهم على ضرب العمق الصهيوني، وعجز المنظومة الأمنية الصهيونية عن فهم ما يمكن أن يقوم به عقل المقاوم الفلسطيني، وما يمكن أن يستخدمه من أدوات وأساليب، وقدرته في زعزعة حالة الهدوء و الاستقرار الذي يسعى لتحقيقها العدو، وإن عدم جدوى كل الاجراءات في إيقاف هكذا عمليات شكل صدمة في جذر الوعي الصهيوني، بعدما اعتقدوا أنهم نجحوا في كي الوعي الفلسطيني، خاصة في ظل المتغيرات السياسية التي يشهدها على الصعيد الداخلي والخارجي.

    إن شعبنا الفلسطيني في حالة مقاومة دائمة، فلا الصعوبات ولا العقوبات ولا الحصار والأدلجة والتسييس، ولا حتى تأمر بعض الأنظمة العربية في السر والعلن، وسيرها في طريق التطبيع، ولا حتى الدعم اللامحدود الذي يحصل عليه العدو دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً، قادرة على كسر شوكة المقاومة التي تسحق أية تسوية سياسية، وستفضي لإزالة هذا الكيان السرطاني .

الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة بمميزات غير مسبوقة.

رئيس المجلس الاعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي عامر التل