بعد مجزرة المصلين فجراً في مدرسة “التابعية” شمال غزة بات علينا ان نعد المجازر اليومية، لا الأيام ولا الأشهر العشرة وحسب لمعركة الإبادة الجارية في غزة منذ السابع من أكتوبر فلا نتنياهو شبع من الدم ولا العالم كله استطاع ان يوقف وحشيته.
وكأنه كان ينقص تصلفه وجبروته تصفيق الكونغرس الأميركي مؤخراً له وكانت ترجمته الفورية له، قصف ضاحية بيروت وقتل القائد المقاوم فؤاد شكر في عملية أدت الى استشهاد أطفال ونساء ومدنيين أيضا، كما أصيب نحو سبعين جريحاً عدا عن تدمير المبنى وهو في خلفية مستشفى “بهمن.” كما كان تجرؤه على ارتكاب جريمة اغتيال امين عام حركة حماس عباس هنية في طهران، تخطيا جنونيا لكافة الخطوط الحمر ومستعيناً بالتقنيات الأميركية في الاغتيالين كما أوردت مصادر مطلعة.
ماذا كان يتوقع نتنياهو من وراء افعاله الاجرامية المستمرة؟ ان يواصل العالم التصفيق له، ويواصل دعمه متعامياً عن أعداد ضحاياه وعن هول ارتكاباته والذي بات العالم كله يضج بفظاعتها؟
الأميركي الذي يناور بدم أبناء فلسطين في معركته الانتخابية الجارية، من خان يونس الى نيويورك ومن رفح الى ميتشغان …الخ يشاركه في المناورة الأنظمة العربية المهادنة لما يجري والمستمرة في بيع فلسطين بالسياسة، والتطبيع وبالاتفاقات الابراهيمية.
المواجهة اليوم هي بين محور يمثل الشعوب الداعمة لفلسطين من بيروت الى دمشق والعراق وسورية واليمن وطهران، إضافة الى بعض الدول والشعوب التي تملأ ساحات العالم وتسعى كل بأسلوبه الى إيقاف هذا المجرم المتفلت من عقاله، تارة بالمحكمة الدولية والجنائية او من خلال تظاهرات الطلبة والجامعات في عواصم العالم اجمع.
دون ان ننسى الاعلام ووسائل التواصل الناشطة في العالم كله بمواجهة المحرقة القائمة بينما حكومة العدو تسابق الوقت ولم تتمكن من انجاز ما وعدت نفسها به، بحرب قصيرة تقضي بها على حماس، جلّ ما فعلته هو قتل أربعين ألف مواطن فلسطيني، في مجازر تشبه مدرسة التابعية في حي الدرج شمال غزة.
بالمقابل استطاعت قوى المحور الممانع ان تكبد العدو خسائر كبرى في مرافئه ومرافق قطاعاته كافة من جنوب فلسطين المحتلة (اللد) الى الشمال (الجليل)، كما كشفت المساندة الجارية لغزة ضعف هذا الكيان الزائل حكماً، والذي اعتدّ بقوته العسكرية طويلاً، فاذا بقوى المقاومة تكشف وهنه، وإذا به لا يمكن له البقاء دون الاساطيل وحاملات الطائرات الغربية لحمايته، وإذا بغزة وقد اغرقته في وحل دم جنوده
اما ماذا بعد سياسة اغتيال القادة؟ بعد إسماعيل هنية وطاولة التفاوض التي كانت قائمة جاء السنوار امينا عاما لحركة حماس، اسم سيكرس خيار المقاومة على ما عداه من خيارات وبعيداً عن قدرة العدو وداعميه على ابتزاز المفاوضين ووجودهم في الدوحة، كما ذكر مرارا، كما سيؤدي اسم السنوار الى التفاف كبير حول حماس ومقاومتها بعكس ما أدى اليه اغتيال ياسر عرفات في نهاية القرن الماضي ،من انكفاء عن العمل المقاوم.
تقول التقديرات للخبراء الأمنيين، ان قوة المتفجرات التي استعملها العدو ضد اهل غزة، فاقت الضعفين لما استخدم ضد فيتنام من قبل الجيش الأميركي خلال عشرة أعوام وليس عشرة أشهر، فماذا يمكن له ان يفعل أكثر بالغزيين؟
هم قالوا ولا زالوا يقولون “تقتلوننا ونبقى” رغم كل دعم الترسانة الأميركية والبريطانية الذي يتم تجربته على أجساد الغزيين بالحرق والبتر والتقطيع وخنق الانفاس فأن مسعى نتنياهو لا يزال يتواصل لاستدراج الأميركي ومعه الأطلسي الى حرب اقليمية، قاصداً منها استمرار طوق الحماية حوله ومستفيداً من اطالة امد الحرب، لكسب الوقت. متخطيا واقع الغرب الرافض للانغماس مباشرة إضافة الى واقعه الاقتصادي المنهار وهو لم يتخط بعد مفاعيل وتداعيات الحرب الأوكرانية الروسية
هو نموذج شمشون التوراتي، وسردية “عليّ وعلى اعدائي”، يستمر نتنياهو متخطياً تظاهرات اهل اسراه تحت نافذة مكتبه وامام منزله، في تل ابيب /يافا، يطالبوه بالتفاوض لإطلاق سراح أبنائهم، بعدما أدى تعنته الى وفاة بعضا منهم. وهكذا تتقوقع دولة الكيان ومستوطنيها في حال من الذعر والتوتر من ردّ محور المقاومة، الذي أكد ان رده آت لا محالة، وها هي تتلمس رقبتها عن طبيعة وزمان ومكان انطلاقه، من اليمن او طهران او بيروت!!!
في إطار محاولات تخفيف مفاعيل الرد القادم حتما من بيروت وطهران واليمن، يحاول الفريق الثلاثي أعادة حماس الى طاولة التفاوض وبشروط أميركية وفي موعد حدده العدو، منتصف الشهر الجاري، لكن السؤال، كم مجزرة سيرتكب غالنت ونتنياهو لحين أوان العودة الى التفاوض؟ وإذ تتصاعد تهديدات هذا العدو بالمقابل بإخلاء غزة من أهلها، يبدو صمت واشنطن واضحاً، مما يكشف جيداً زيف الغرب امام الرأي العام العالمي، إلا امام بعض صفار المرتهنين.
واشنطن تبدو متشددة وحريصة على عدم انتهاك سيادة ووجود دولة الاغتصاب، كما حرص أنظمة الاستسلام العربي، وبالمقابل تستهين بانتهاك ربيبتها لعواصم المحور المقاوم فكيف يمكن ان يستوي ذلك؟
خلاصة يؤكدها سياق القتال القائم بين شعبنا واعدائه: لا يمكن للدم الا ان ينتصر على السيف، وان شعب يدفن ابنه بيديه ويبقى، لن يهزم، كما بات ثابتا ان الحرب لن تنتهي الا بتثبيت حق فلسطين بان تقوم بعدما أكد ذلك معادلة القوة وهي وحدها القول الفصل.
هي قوة الإرادة والوحدة وحب الحياة الحرة الكريمة، نحن “نحب الموت متى كان طريقا للحياة ” ونحن نعد انفسنا وقدراتنا وقوانا لمواجهة مستمرة بالتكنولوجيا والعلوم التي باتت ترعب عدونا وتربكه وشبابنا لن تثنيهم لا الصعاب ولا التهديدات ونصرنا قادم لا محالة.