إيران دولة مؤسسات ونظم، فإن كان الحدث الاليم مؤامرة خارجية محبوكة، او حادث لعب القدر فيه لعبته، فقد تم انتقال السلطة بطريقة سلسلة، ودون ان يتأثر الشارع الايراني وهيكل الدولة إلا بمشاعر الحزن والالم بعيدا عن الفوضى والارباك وظل الامان والانضباط والثقة سيد الموقف.
ولن نقع في هذا المقال فريسة للعنة التحليلات الخزعبلية أو حتى التكهن والتنبؤ، ولطالما كانت إيران خارج إطار التوقعات وان بدت ظواهر الاحوال توحي بمسار معين.
بعد انتصار الثورة واسقاط نظام الشاه ،مرت ايران بمراحل دقيقة في تاريخها السياسي ،والمعركة التي واجهتها من الخارج من دول عظمى غايتها تحطيمها و اخضاعها كانت كفيلة لتحويل ايران لقطب عالمي وذات موقع اقليمي وحضور دبلوماسي هام ، ولم تستطع تلك المعارك زعزعة امنها السياسي والاقتصادي والدولي لا خارجيا ولا داخليا، بل ظلت راسخة على مفاهيم الثورة الايرانية،لتكون ضلع من اضلاع المقاومة والصراع في المنطقة، والجهود الحثيثة نحو مصير حالك منتظر مدبر للجمهورية الايرانية اضحت واقعا مزدهرا وتاريخا مشرف ومواقف بطولية متفاعلة وفاعلة .
وقد شهدت الفترة الرئاسية للرئيس الشهيد ابراهيم رئيسي تطورا في دعم محور المقاومة والمسألة الفلسطينية، وشهد العالم في عهده الصواريخ والمسيرات الايرانية موجهة ضرباتها لكيان العدو السرطاني، فقد كان مؤمنا بحق المقاومة والصراع وفيا وصادقا لحركات المقاومة ملتزما تجاه الدول التي يرتبط واياها بعلاقات، فظلت الجمهورية الاسلامية الايرانية ملتزمة بتقديم الدعم الفعال لمحور المقاومة، في غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا، وشارك مقاوموها بطوفان الاقصى، كما شاركوا الجيش السوري بحربه ضد الارهاب التكفيري.
وعلى الرغم من مأساة إيران برحيل رئيسها ووزير خارجيتها والوفد المرافق لهم، الا ان الدول القوية الالم والحزن يجعلها أكثر اصرارا وتماسكا على مواقفها ونهجها، وهذا ما أكده الاجتماع الذي تم في طهران عقب تشييع الرئيس الشهيد ووزير الخارجية، مع قادة محور المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق،
لمناقشة الاوضاع في غزة وجنوب لبنان وعملية طوفان الاقصى ودور محور المقاومة، وأكد الجانب الايراني على دعمه حقوق الشعب الفلسطيني والمقاومة وجهوده للدفاع عن المقاومة المشروعة ووقف جرائم الكيان الصهيوني والاستمرار بالجهاد والنضال حتى الانتصار بمشاركة فصائل محور المقاومة.
ويمر علينا عيد المقاومة والتحرير وبعد 24 عاما نرى فيه عظمة هذا النهج والفكر، بحجم المؤمنين الفاعلين بالمقاومة وقضيتها ومعركتها، فأضحت المقاومة محورا، والمقاومون قوى، وتأخت قضيتنا المصيرية مع من اتخذوا حق المقاومة والصراع مبدأ وعقيدة، فكانوا السند والدعم، ووفاؤنا ارواحا، ودما، وسلاحا.
فكل التقدير والامتنان لما حققته فصائل المقاومة (نسور الزوبعة، حزب الله حماس وبقية فصائل المقاومة) المرابضين على الخطوط الامامية وفي ساح الجهاد
في غزة وجنوب لبنان، من انجازات فذة على الارض والساحة الدولية والعالمية من تغير جذري في المناخ العالمي اتجاه اسرائيل، ويؤكد نسور الزوبعة على واجبهم تجاه حق أمتهم ودفاع عن ارضهم والسعي لتحرير المحتل منها وكما ساهموا بتحرير جنوب لبنان مع باقي قوى المقاومة سيظلون في الخطوط الامامية حتى تحقيق النصر وزوال الكيان الزائل.
وسيبقى الشهداء القادة ضمير الامم وقدوتها لاجيال تسير نحو طريق الحياة وتتجاوز اليأس وقيود الظلام.
رئيس المجلس الأعلى