وعدُ ” بلفور ” خُطَّ بحبرٍ عمرهُ أربعمئةُ عام ( 1917 – 1517)

وعدُ ” بلفور ” خُطَّ بحبرٍ عمرهُ أربعمئةُ عام ( 1917 – 1517)

في 14أيار 1948 يقرأُ ” ديفيد بن غوريون ” ما أسماها
” وثيقة الاستقلال ” فيقول :” … في ذلك اليوم، بات الحلمُ اليهوديُ بإنشاء وطنٍ قوميٍ يجمع شتاتهم حقيقةً واقعة لا مفرّ منها، ولم يكن تأسيسُ ” إسرائيل ” نتاجاً لدعم الانتداب البريطاني للحركة الصهيونية وتمكينها من إرساء دعائمها على أرض فلسطين فقط، بل كان أيضاً نتيجةً لمجهودات شخصياتٍ يهودية وصهيونية بارزة، لعبت الدور الأكبر في التأسيس ” .

ومن هنا نبدأ التساؤل والمقاربة، فقد أظهر البروفيسور اليهودي” شلومو ساند ” في كتابه ” إختراع الشعب اليهودي “
أنَّ ” العالم المسيحي، خلال فترة معيّنة في التاريخ الحديث ولأسبابٍ تتعلق بمصلحته الخاصة، أيَّد الفكرة القائلة بأن اليهود شعبٌ عليه أن يعود يوماً ما الى الأرض المُقدسة ” وفي هذه الرواية، تُشكّل العودة جزءاً من المخطط السماوي لنهاية الزمن ، بالإضافة الى انبعاث الموتى والعودة الثانية للمسيح .

وعليه ، يعودُ بنا البحثُ الى الانتفاضات الدينية واللاهوتية التي انبثقت عن حركة الإصلاح الديني التي شهدتها أوروبا في القرن السادس عشر وصاعداً، ” على بلورة رابط واضح، تحديداً بين صفوف البروتستانتيين يجمع بين فكرة نهاية الألفية واعتناق اليهود للمسيحية وبين عودتهم الى أرض فلسطين ” .

وللإيضاح، نلفت بأن الحركة المذكورة، هي الحركة التي أطلقها ” مارتن لوثر ” وهو راهبٌ وقسيسٌ ألماني ٌ وأستاذ لاهوت، أطلق عصر الإصلاح في أوروبا ، بعد اعتراضه على
” صكوك الغفران ” ، حيث نشر في عام 1517 رسالته الشهيرة المؤلفة من 95 نقطة ، يتعلق أغلبها بلاهوت التحرير وسلطة ” البابا ” في الحِل من ” العقاب الزمني للخطيئة ” وكان أحد أبرز أفكار لوثر اللاهوتية هي أن الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هدية مجانية ونعمة من الله، من خلال الايمان بيسوع المسيح مخلّصاً، سيما رفضه
” السلطة التعليمية ” في الكنيسة الكاثوليكية ، والتي تنيطُ بالبابا القول الفصل بتفسير الكتاب المُقدّس، مُعتبراً أن لكل شخصٍ الحق في التفسير …. إلخ . وقد أودى به ذلك الى النفي والحُرم الكنسي، والإدانة من قبل الإمبراطور ” شارل الخامس ” واعتُبر مُهرطقاً كنسيّاً خارجاً عن قوانين الامبراطورية الرومانية المُقدّسة .

وفي العودة الى السياق، و تحديداً في القرن السادس عشر المذكور أعلاه، يطرحُ رجل الدين الإنجليزي ” توماس برايتمان ” هذه الأفكار حين كتب :” هل سيعودون الى القدس ثانيةً ؟ لا يوجد شيء أكثر وضوحاً فالأنبياء يؤكّدون على هذا ويتحدّثون عنه في كل مكان ” . ولم يكن برايتمان يأمل في تحقيق الوعد الإلهي وحسب، لكنه مثل كثيرين جاؤوا بعدهُ، كان يأمل إمّا أن يعتنق اليهود الديانة المسيحية، أو أن يتركوا أوروبا بشكلٍ نهائي

مكرم العريضي