الهلال الخصيب يحترق

خمس وثمانون طلعة جوية، قام بها الطيران الحربي الأميركي والبريطاني والصهيوني ليل السبت.
خمسة وثمانون هدفًا في بلادنا تحترق، تُجمع أشلاء شهدائنا، ويُنقل الجرحى الى لا مكان، بعيدًا فقط عن القصف…
من غزة العزة الى الضفة والقدس، الى الجنوب اللبناني والجولان، الى دمشق والحسكة ودير الزور والميادين، الى بغداد والقائم وغرب العراق…
الهلال من طرفه الغربي الى طرفه الشرقي تحت ضربات التحالف الدولي الذي تقوده أميركا دفاعًا عن ربيبتها المحتلّة لأرضنا منذ خمسة وسبعين عامًا.
إذا لم تكن هذه حرب عالمية ثالثة، فماذا تكون؟
الشعب السوري كلّه تحت حرب إبادة جماعية، من البحر الى جبال طوروس.
ولن ننسى الوحيد الذي وقف معنا، اليمن الشريف، اليمن الصادق، البطل المضحّي، الصامد رغم كلّ الحصار المفروض عليه، رغم كل التهديدات والقصف بالبوارج والطائرات، يمن يعجز اللسان عن مدحه وشكره.
ما تقوم به أميركا من لعبة إعلامية سفيفة قذرة، عبر إعلانها عبر دبلوماسييها وسياسييها، عن عدم نيتها في التصعيد أو المواجهة المباشرة أو الحرب الإقليمية. وهي في نفس الوقت تضغط على لبنان لسحب المقاومة خلف خط الليطاني، وتضرب الشام والعراق واليمن العزيز، لردعهم عن مساندة جبهة غزة والضفة، كله بهدف واحد واضح وصريح: القضاء على المقاومة الفلسطينية مرة واحدة وأخيرة، تهجير الفلسطينيين من القطاع نحو سيناء، وإعلان إسرائيل الخالية من السكان الأصليين، اليهودية الصرف، نواة إسرائيل الكبرى لاحقًا، عبر اتفاقات إبراهيمية وتنازل الكيانات المتخاذلة المتعاملة عن حقوقها المشروعة خدمة لمصالح الأميركيين والصهاينة.
ما نخوضه اليوم، هو حرب وجودية، وجودية لكل الأطراف، لنا كأمّة تبحث لها عن مكان تحت الشمس، وكيان سرطاني غاصب لأرضنا، ومصالح دولية تتقاطع ما بينهما، محركها الأساسي، مصادر الطاقة وخطوط إمدادها التي تختزنها أمتنا في باطن أرضها وبحرها.
لمن لا يزال يحلم بتسويات ومفاوضات وحلول نصفية ودولتين وسلم وتعايش وحياد ووئام، أقول:
وصلنا إلى نهاية المطاف، أضربوا بالحديد والنار،
إما النصر أو الاستشهاد،
نكون أو لا نكون، وما الحياة إلا وقفة عز فقط…
وما يقوم به العدو، من تحالف دولي بقيادة أميركية وصهيونية، يبرز أنهم يقاربون ملف الشرق، كوحدة واحدة، أي الهلال الخصيب أو سورية الطبيعية، كوحدة تاريخية وجغرافية واجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية واحدة، ونحن نرفض الواقع والواقعيّة، ونتمسك بشراشيب مناطقنا وطوائفنا وكياناتنا المستحدثة بعد تقسيم سايكس بيكو.

عضو المكتب السياسي الدكتور هشام نبيه ابوجوده.