العدو أعجز من أن يقاتل على جبهات أخرى

يعيش العدو أزمة استراتيجية في جبهة الشمال (على الحدود مع لبنان)، نتيجة التصعيد فيها بعد اغتيال الشيخ صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، واغتيال الكوادر في عمق الجنوب اللبناني، والرد القوي للمقاومة، ويأتي السؤال وبعد ثلاثة أشهر من طوفان الأقصى، هل سيستطيع العدو خوض حرب على هذه الجبهة، في الوقت الذي حققت فيه المقاومة اللبنانية عدة انجازات، كإجلاء أكثر من 80 ألف مستوطن، وإجبارهم على التوجه جنوباً، إضافة إلى العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوف جيش العدو والمستوطنين، والدمار الكبير في البنية التحتية والبيوت والمنشآت العسكرية والمدنية.

    ويرى الجنرال احتياط كوبي ماروم أنه بعد طوفان الأقصى على “إسرائيل” السيطرة على مصيرها بيدها، وأن تحافظ على المبادرة وحرية العمل في الساحة اللبنانية، كي تحافظ على ردعٍ حقيقي في مواجهة حزب الله، كما سيكون عليها التعامل معه في الشمال وتفكيك تهديده، وأنه من المفيد لها أن تزيد في تعميق الضرر اللاحق بإيران، وبقيادات الحرس الثوري في المنطقة، واعتبر ماروم أن “إسرائيل” اغتالت الجنرال رضي الموسوي ومسؤولين آخرين، لتوجه رسالة لإيران أن ثمن إدارة معركة ضد إسرائيل على 6 جبهات ثقيل.

        وعلى جبهة الضفة الغربية وضع العدو ليس أفضل، فقد حذر جهاز الأمن الإسرائيلي “الشاباك” رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من تصعيد وشيك في الضفة الغربية في أعقاب البطالة وعدم تحويل الأموال إلى رام الله، ومن المعلوم أن عدم السماح للعمال الفلسطينيين بدخول الأراضي المحتلة منذ بدء الحرب في غزة، وكذلك رفض السلطة الفلسطينية قبول الأموال بعد اقتطاع أجزاء منها عن غزة، يعزز القلق الأمني لدى “الشاباك”، الذي اعتبر أن هناك سيناريو تقوم فيه الآليات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، بتوجيه أسلحتها ضد المواطنين والمقيمين “الإسرائيليين”، وعلى الرغم من هذا التحذير، فإن نتنياهو لم يطرح الموضوع للمناقشة في مجلس الوزراء بعد، ربما نتيجة اعتبارات سياسية، حيث أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يعارضان إدخال عمال فلسطينيين وتحويل الأموال إلى السلطة، وكانت قوات العدو قد اعتقلت منذ السابع من تشرين الأول 2023، 5780 فلسطينياً في مناطق متفرقة من الضفة الغربية.


    وذكرت القناة “12” العبرية، أن قادة الأجهزة الأمنية حذروا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدة مرات في الأيام الأخيرة، من أن الضفة الغربية على حافة اندلاع أعمال “عنف” كبيرة، كما نقل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي وغيره من كبار القادة العسكريين هذه التحذيرات، وقالوا إن “إسرائيل” تخاطر بفتح جبهة جديدة في الضفة الغربية وسط الحرب ضد حماس في قطاع غزة والاشتباكات المستمرة على الحدود الشمالية مع “حزب الله”.

    صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، نشرت مقالاً على صفحتها الأولى، بعنوان “ما الذي يحدث لنا؟ كيف نخرج من الحفرة التي سقطنا فيها؟”، أكدت فيه أنّ “إسرائيل” سقطت في حفرة عميقة نتيجة الحرب التي تخوضها بلا أفق، وتساءلت عن مسار الأمور واتجاهها، في ظل فشلها في تحقيق أهداف العملية التي شنتها على قطاع غزة، والمستمرة منذ ثلاثة أشهر، وأكدت أنّ “إسرائيل” ليست مستعدة لحرب مع لبنان، ووصفت الوضع بـالسقوط في الحفرة، وأضافت إنّ “إسرائيل” تقف في القاع، وتناقش كيف ستقضي على “العدو”، بينما هي لا تعلم كيف ستعيد الأسرى، وتنهي الحرب، وتابع المقال أنه بعد ثلاثة أشهر، كل ما يمكن أن يعدنا به قادتنا، هو المزيد من الحرب، وأشار إلى الخسائر الكبيرة للجيش في معارك قطاع غزة، واستهداف تل أبيب برشقات صاروخية، وأضاف أنّ “الإسرائيليين” يبحثون عن حل، بينما رئيس الحكومة أعلن أهدافًا لا يمكن تحقيقها، وبالتالي حكم على “إسرائيل” بحرب لا نهاية لها.

     إنّ جيش العدو العاجز عن القتال على جبهة قطاع غزة، والذي يُمنى كل يوم بهزائم وخسائر في العديد والعتاد، أصبح يعلم علم اليقين أن الحرب لن تغير الواقع، بل تكلفه كل يوم حياة جنوده، والغرق أكثر في الوحول، وبالتالي فهو أعجز من أن يدخل في حرب على جبهات أخرى، ويقع بشكل أكبر في تلك الحفرة التي غرق فيها.