الهزيمة بألسنتهم: تخبّط داخلي كبير!

تحت عنوان “انتهت الحفلة: نتنياهو لم يفهم بعد أن ألاعيبه لم تعد صالحة” كتب يوسي هدار في صحيفة معاريف العبرية:

بعد قليل، سيبدأ “عيد المساخر”، ونتنياهو تنكّر منذ الآن. بأي شخصية هذه المرة؟ شخصية القوي في مقابل السلطة الفلسطينية. ولماذا؟ لأنه في خضم حملة انتخابية خلال حرب صعبة ودموية، إلا إن الأمور باتت واضحة، ونتنياهو لم يفهم بعد أن ألاعيبه المعروفة والمكروهة لن تنطلي هذه المرة على أحد، باستثناء بعض أبواقه ومجموعة من الممسوحين الذين يحيطون به. هذه المرة، الجو العام ضد نتنياهو عميق جداً، ولا طريق للعودة عنه.
المخرب القومي في حالة جنون. إنه يرى، بخوف شديد، أن الشعب تعب منه، وبصورة خاصة في اليمين، ولذلك، يستمر في التهرب من المسؤولية عن كارثة السابع من تشرين الأول/أكتوبر – 1200 قتيل، 240 رهينة، وخراب البلدات. هذه الكارثة حدثت خلال ولايته. مسؤوليته الأساسية لا تنحصر في تقوية “حماس” على مدار السنوات، وتحويل ملايين الدولارات إلى القطاع، ولا في الامتناع من اغتيال السنوار، إنما في “الانقلاب الدستوري” المجنون الذي كان ينبع من مصالح شخصية، ومزّق الشعب إلى أجزاء. 10 أشهر جهنمية أتت بالخراب إلى المجتمع، وبالأساس ألحقت الضرر بالردع الإسرائيلي.
وبدلاً من النظر مباشرةً وتحمّل المسؤولية والذهاب إلى المنزل، نتنياهو يحاول التمسك بمنصبه بكل قواه، ويستمر في التهرب من المسؤولية، وينشط بقوة، سياسياً، في وقت الحرب، في الوقت الذي يعظ فيه المعارضين له، بوقاحة، بعدم الانشغال بالسياسة. بدأ هذا بتغريدات استفزازية، وجمع معلومات وافتراءات على قيادات الجيش، والآن، بدأ الإسفين الجديد بمحاولة يائسة للتهرب من المسؤولية – هو “أوسلو”. في ادعاء شرير آخر، قال إن عدد ضحايا “مذبحة” سمحات هتوراه يوازي عدد ضحايا أوسلو. ويضاف إلى ذلك رسائل الحملة الانتخابية الجديدة ضد دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، وضد دولة فلسطينية.
إلا إن نتنياهو نسيَ أننا نتذكر مَن الذي استمر في دعم “أوسلو” بإرادته الكاملة، ومنح عرفات مدينة الخليل، واحتضنه؛ هو نتنياهو نفسه. ذاكرتنا لا تخوننا أيضاً بشأن دعمه الدولة الفلسطينية، وليس فقط خلال خطاب جامعة بار إيلان، إنما مؤخراً، عندما دعم خطة ترامب التي تضمنت، بوضوح، إقامة دولة فلسطينية.
لكن نتنياهو مخادع قومي. فهو ينشر الدخان والكذب في أغلب الأحيان من أجل البلبلة، في الوقت الذي يعلم بأن السياسيين في إسرائيل، في أغلبيتهم، من اليمين واليسار، وهو من ضمنهم، جاهزون لقبول أكثر قليلاً من حُكم ذاتي فلسطيني زائد، أو دولة ناقصة. لذلك، إذا قبِل أحدهم إقامة دولة في هذا الإطار، فإنه سيهاجمه، وإذا قبِل هو نفسه هذا، فسيلعب ألاعيبه، ويقول “قلت لا لدولة فلسطينية، لم أقل لا لأكثر قليلاً من حُكم ذاتي زائد”.
نتنياهو يعلم أيضاً بأنه يوجد يمين آخر، وهو كبير، يمين قومي ليبرالي، وأنه ليس يمينياً، بل هو انتهازي. هو يعلم أيضاً بأن هناك عدداً لا بأس به من اليمينيين ومن أنصار الوسط في الساحة السياسية، أقل تردداً منه، وسيكونون على قدم المساواة مع بايدن، ويمنعون بصورة أفضل منه إقامة دولة فلسطينية تهدد وجودنا. اليمين المتزن يعلم أيضاً بأن دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة سيضع “إسرائيل” أمام خطر، ذلك بأن أعضاء السلطة، في أغلبيتهم، يدعمون “حماس”. لكن هذا اليمين سيعمل بتفاهُم واحترام متبادل مع بايدن، من أجل الدفع بحل آخر، يمكن التعايش معه.
لذلك، في اليوم التالي، علينا القول: لا لإدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة، ولا لإقامة دولة فلسطينية، ولا للاستمرار في التفرقة والانقسام داخل الشعب، ولا لنتنياهو أيضاً. سيكون هناك مَن يتعامل مع القضايا الأمنية والسياسية الإسرائيلية بصورة أفضل.