أمس كانت ترسم حكاية جديدة للحزب السوري القومي الاجتماعي في فلسطين، في بلدة الصرفند الجنوبية قلعة الحزب وأبطاله، وأبرزهم مهندس العمليات الاستشهادية العميد محمد سليم.
طير الجنوب وحبيب الجنوب وعريس الجنوب، غنت له قلوب القوميين، أهازيج بطولة وزغاريد عز.
وكان حزبنا يستعيد مجداً طال أمده بعد حال من الصمت والسكوت في عرس الشهادة للبطل المهندس وسام محمد سليم، في مسيرة الأبطال والشهداء الذين شقوا الطريق قبله إلى فلسطين، بإيمان العودة الذي لا يتزعزع.
بكل هذا الإيمان شق وسام طريقه مؤمناً أن لا شيء غير الصراع ينهض بهذه الأمة. هو الشاب اليافع المهندس الممتلئ وجدانه إيماناً وعزماً، بضرورة انتصار بلاده على أفاعي هذا الزمن الطامعين إلى الآن بالمزيد من الهيمنة على بلادنا، كياناً بعد آخر، وما لا يأخذونه بالحرب يأخذونه بسياسة التطبيع والمهادنة.
في الصرفند نشأ، في حارة الصيادين المجاورة للبحر، حيث كانت هتافات رجال البحر العائدين بمراكبهم وشباكهم هي أناشيد الليل وطلوع الفجر، للعائدين منهم برزقهم الحلال، من بحرهم وهو عينه بحر عكا وبحر غزة، هي بلادهم الواحدة كما علمته عقيدته التي بها آمن، سبيلاً وحيداً لاستعادة هذه البلاد من براثن المستعمر وربيبته إسرائيل.
الفارس الأسمر وسام، يعرف أنطون سعادة وقد رافقه جده في مطلع شبابه ولطالما روى له رواية وقفة عز تلك التي دفعها فداء عن بلاده. كما كان يعرف حكايات منزلهم الذي احتضن القوميين مكاناً للانطلاق إلى الجبهة، بعد استراحة وجيزة فيه وهو يجاور مركز الحزب، القلعة، كما كانت تدعى. والحكايات كثيرة عن اجتياح عام 1978 للجنوب وعن نضالات القوميين يومذاك.
ويعرف أيضاً وسام سليم، لماذا توقفت بلدة الصرفند عن النضال بعد استشهاد مهندس نهج الأجساد المتفجرة، العميد محمد سليم، ابن عم ابيه، ولا يجهل حكايات البطولة التي استمرت من بحر الصرفند نحو الجليل بفضل أبطال قرروا إبقاء اسم محمد سليم حاضراً في عمليات المواجهة التي استمرت حقبة من الزمن مع عدونا الوجودي، وكان أبرزها العملية البحرية الأبرز للحزب مع الشهيد أحمد قناعة وأبطال من الجبهة الشعبية.
اسم العميد محمد سليم سكن البال وما غادره إلى أن استعاد الحزب دوره واخذ قرار المواجهة من مسافة صفر، فكان ابن السابعة والعشرين في طليعة هؤلاء الشباب المندفعين الواثقين بخيار الحزب المقاوم. وباتت مسافة صفر تعني لنا بداية أمجاداً جديدة لأمتنا وتؤكد خيار العزم لاستعادة هذه البلاد.
وسام المهندس هو نموذج للإمكانيات العلمية ودورها في المعركة، إلى جانب البندقية. ينحدر من عائلة تقسم قلبه نصفين، جنوبي وآخر بقاعي مقدام، وينظر للمستقبل بأحلام واعدة بأمة قوية ويرسم الكثير لبلاده أولها مواجهة هذا التنين الذي يستهدفها ويقضي على آمال الشباب، أمثاله، فيجعلهم مشتتين في أقاصي الأرض دون أي انتماء.
هو خريج روسيا، إحدى الدول الكبرى، ومن خلال ذلك حلم بأن يكون لبلاده دوراً مثل باقي أترابه هناك. وهو يعرف سر هذا الانهيار، إنه سرطان دولة إسرائيل المغتصبة لأرضه وهنا المعركة. هكذا كان هو أدونيس الذي يقاتل من أجل بلاده عشتروت التي يعشق. في وداعه لبست أمه، سترته القتالية، تدفئ بها قلبها الموجوع، زغردت وأصرت على “صدر الحنة” للعريس الذي حلمت أن تكون في فرحه. وكان تشييعه، هو العز الذي صاغه لعائلته وبلدته وحزبه، وفوق آلاف المودعين. ارتفعت بيارق الحزب وارتفع الهتاف مدوياً، يا أبناء الحياة، صوت تصاعد من صبايا وشباب وردد خلفهم، ترداد صدى، عالياً عالياً نحو الأفق، لنا الحياة لبلادنا التي ستحيا.