طوفان الأقصى والهجرة المعاكسة

طوفان الأقصى والهجرة المعاكسة

لا شك أنّ عملية طوفان الأقصى أدت إلى هروب مئات الآلاف من المستوطنين اليهود، وعودة معظمهم إلى الدول التي أتوا منها، بغض النظر إن كانوا سيعودون إلى الكيان الغاصب أو لا، وكانت “سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية” قد أكدت أنّ أكثر من 370 ألف “إسرائيلي” قد غادروا باتجاه عدد من الدول منذ بدء عملية طوفان الأقصى حتى اليوم، منهم  230 ألفاً منذ بداية الحرب وحتى نهاية شهر تشرين الأول، و140 ألفاً خلال شهر تشرين الثاني الماضي، كما أنّ نحو 302 ألف “إسرائيلي” وصلوا إلى الأراضي المحتلة خلال شهر تشرين الأول، و194 ألفاً خلال شهر تشرين الثاني، ما يصل مجموعه 500 ألف تقريباً.

    ورغم أنّ عدد الوافدين أكبر بكثير من عدد المغادرين، لكن معظم الوافدين هم مسافرون “إسرائيليون”، عادوا من إجازة عطلة، وإذا أضفنا عدد الذين سافروا إلى الخارج خلال العطلات وبقوا هناك حتى 7 تشرين الأول، والبالغ عددهم حوالي 600 ألف، إلى عدد الذين غادروا خلال الحرب والبالغ عددهم نحو 370 ألفاً، يصبح عدد المسافرين حوالي 970 ألفاً، وإذا طرحنا منهم عدد الذين دخلوا الأراضي المحتلة خلال الحرب أي نحو نصف مليون، يتبيّن أن عدد الإسرائيليين الذين خرجوا ولم يعودوا هو نحو 470 ألفاً، إذاً نحن أمام عملية هجرة سلبية لنصف مليون “إسرائيلي”، وهذا الرقم لا يشمل آلاف العمال الأجانب واللاجئين والدبلوماسيين الذين غادروا أيضاً.

    بحسب بيانات “وزارة الاستيعاب الإسرائيلية”، فقد هاجر حوالي ألفي شخص خلال الفترة الممتدة من 7 تشرين الأول حتى 29 تشرين الثاني، بمعدل ألف شخص شهرياً، مقابل ما معدله 4500 شخص شهرياً منذ بداية عام 2023 حتى اندلاع الحرب، وهو انخفاض يزيد عن 70% في نطاق الهجرة، وتتابع بيانات الوزارة أنّه خلال العام 2022، كان يصل إلى الأراضي المحتلة ستة آلاف مهاجر شهرياً، لكن هذا العدد تراجع خلال العام 2023، بسبب استقرار الوضع في إثيوبيا وأوكرانيا من جهة، وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني ​​في “إسرائيل” بسبب سياسة الحكومة من جهة ثانية، كما انخفض عدد المهاجرين من نحو 20 ألفاً في الربع الأول من 2023 إلى نحو 11 ألفاً في الربع الثالث، وفي الأسابيع الأولى من الحرب، توقفت الهجرة تقريباً، وفي شهر تشرين الثاني، ارتفع عدد المهاجرين إلى حوالي 1500، وهو أقل بكثير مما كان عليه قبل الحرب، ولكن أكثر بثلاث مرات مما كان عليه في شهر تشرين الأول، وفي الأسابيع الأخيرة نُشرت تقديرات مختلفة تشير إلى توقع موجة هجرة كبيرة قريباً إلى الأراضي المحتلة.

    أن حقيقة عودة نحو 300 ألف “إسرائيلي” إلى الأراضي المحتلة منذ اندلاع الحرب حتى نهاية تشرين الأول، تم تفسيرها بشكل خاطئ، ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة على أنها موجة مثيرة من الهجرة والعودة، وتؤكد صحيفة “زمان إسرائيل، أنّ هذا الخبر كاذب، لأن المنشورات تجاهلت حقيقة أن معظم الداخلين إلى “البلاد” كانوا قد عادوا للتو من إجازات الأعياد، فضلاً عن وجود مئات الآلاف من ،الإسرائيليين” الذين لم يعودوا من الأعياد، والذين غادروا أثناء الحرب.

        صحيح أنّ هذه الحرب لم توقف الهجرة إلى الأراضي المحتلة، لكنها قللت منها بشكل كبير، وساهمت في هروب مئات الآلاف منها، وذلك تحت وطأة ضربات المقاومة، سواء في قصفها بالصواريخ المناطق التي يحتلها العدو، أو بالمواجهات البطولية التي تخوضها، والتي تكبد هذا العدو خسائر فادحة بالعديد والعتاد والآليات.