غفوة العرب

غفوة العرب

في العام 1917 جاءت الطعنة للكيان الفلسطيني من المستعمر فكان الوعد المشؤوم، وعد بلفور. وسبقته اتفاقية سايكس-بيكو بتقسيم الأمة بين فرنسا وبريطانية وسط تخبط البلاد بالنعرات الدينية والمذهبية آنذاك. وبدل ان تنهض الأمة الغارقة بأحقادها للدفاع عن حقوقها وتثبيت شخصيتها كانت تنتظر من الأعراب أن يعيدوا لنا ما سلبته يد الاستعمار الأجنبية نتيجة غياب الوعي القومي لهويتنا وحقيقتنا وأهمية سيادتنا وشرعية حقوقنا. الى ان وصلنا للعام 1948 حيث كُرّست دولة اليهود، الكيان الغاصب، باعتراف الدول المستعمرة والعرب. استمرت خيانة الأنظمة العربية المتواطئة إمّا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر وباعت فلسطين لليهود بحفنة من الفضّة وباعت معها كرامتها وسيادتها وهويتها العربية التي لطالما تغنّت بها وهلّلت لها.

أيّها العربان! ألم يحن الوقت لتستفيقوا من غفوتكم؟ لقد أشرقت شمس البطولات والانتصارات وأنتم ما زلتم نائمون. الأطفال في فلسطين يسترجعون الكرامة التي رميتموها تحت أقدام المحتل، العُجّز في فلسطين ينعون شهامتكم ومروءتكم، الشباب في فلسطين يسترجعون الأمجاد والبطولات التي خسئتم عن تسطيرها. كل دمعة ذرفت من أم شهيد تلعنكم، كل صرخة من طفل موجوع تلعنكم، كل حجر من بيتٍ ساهمتم بتدميره يلعنكم. إنّ نعال هؤلاء الصامدين الصابرين الشجعان رغم همجية ووحشية المحتل لهي أشرف وأطهر من تطبيعكم وسلامكم المذلّ. نعالهم تأبى حتى أن تدوس على ورقةً كتبت عليها اتفاقية تطبيع مع من جعلوا رؤوسكم تتمرّغ بوحول الذلّ والمهانة، فهي تدنّس نعال هؤلاء الشرفاء.

أيها المستعربون الخونة! زحفتم نحو السلام المزعوم وبعتم القضية وأنتم تدركون أنهم يدعون للسلم ويهيئون للحرب. أنتم تعلمون أن هذا العدو لا يفهم الا لغة القوة وتبجّحتم باسترجاع الحقوق بالسياسة والدبلوماسيّة. أوليس هذا دليلاً واضحاً لصفقاتكم المخزية؟ ما أُخذ بالقوّة لا يسترد إلا بالقوّة فحربنا مع اليهود هي حرب الحديد بالحديد والنار بالنار! ما تفعله المقاومة في فلسطين اليوم هو الفعل الحقيقي في طريق تحرير أرضنا وهو الوسيلة الوحيدة التي تشق طريقنا الى النصر فخذوا معاهداتكم وسياساتكم ودبلوماسيتكم الى الجحيم. “بلّوها وشربوا ميّتها”!

إذا كان مشهد الاشلاء المتناثرة فوق الركام لا يهزّ ضمائركم فعليكم اللعنة! إذا كان مشهد البيوت المدمرة لا يوقظكم من غفوتكم فعليكم اللعنة! إذا كانت نداءات الأطفال والمسنين لا تليّن قلوبكم فعليكم ألف وألف لعنة! إنّ دماء الشهداء تلطخ أياديكم التي وقّعت صك البيع، بيع فلسطين وبيع القضيّة وبيع السيادة والهوية. كلّ صمت من قبلكم أشذّ فتكاً من الصواريخ والقذائف التي تُطلق على الأبرياء، كل تخاذل منكم يساوي حرب دمار شامل على فلسطين! أنتم لستم أقلّ وحشيّة من اليهود! صمتكم هو الدافع الأكبر لليهود لإكمال حربهم البربرية على أبناء شعبنا في فلسطين.

ان بطولات أبناء شعبنا في غزة وسائر فلسطين ستغيّر وجه التاريخ! هم يستشهدون لتحيا الأمة وأنتم تنامون كالدمى بانتظار إبادتهم بدمٍ بارد! اخجلوا أيها العرب واصحوا من كبوتكم علّكم تشمّون بعضاً من رائحة الكرامة الّتي دفنتموها في الرمل. ها هم أبناء فلسطين يبعثونها من جديد! ماذا فعلتم أنتم من أجل القضية؟ “القوّة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره”، وأنتم لستم أهلاً لهذا الشرف!