تقديسُ المُدنّس وتدنيسُ المقدّس

تقديسُ المُدنّس وتدنيسُ المقدّس

صُعق مؤخّراً الوسط الطُلابي والأكاديمي والوطني عموماً ، بالسؤال الذي أدرجتهُ إحدى كلّيات الجامعة اللبنانية على طلابها، وقد جاء في حرفيته:

“المجموعة الثانية: (50 علامة): بتاريخ 7/6/2023 تقدّمت السيدة فجر السعيد (الكويتية) عند وصولها الى مطار رفيق الحريري الدولي قادمةً من الكويت للحصول على تأشيرة دخول الى لبنان، لكن الأمن العام اللبناني رفض منحها التأشيرة ولم يسمح لها بالدخول إلى لبنان لوجود إجراء عدم السماح بالدخول بسبب آرائها ومواقفها السياسية الخاصة بلبنان.

السؤال الأول: عرّف/ي وتحدّث/ي عن حرّيّة  الرأي والتعبير الفردية الخاصة في القانون اللبناني.

السؤال الثاني: تحدّث/ي عن حرية التنقُّل.

السؤال الثالث: برأيك، ما مدى توافق أو تعارض ما حدث مع السيدة فجر السعيد وحقوق الإنسان؟”. 

للوهلة الأولى، يبدو السؤال في ظاهره أكاديميٌ تخصصيٌ، ولكن، ألا يُبنى السؤالُ جدليةً للبحث عن الأجوبة الناجعة، غير القابلةِ للتمييع أو الافتراض الممسوخ، إبهاماً وإيهاماً، فتضيعن الحقيقةُ!!! وإذا كان السؤال مناقضاً للحقائق والوقائع، عندها يكون قد صِيغَ لغايةٍ في نفس طارحه أولاً ولمصلحةِ جهةٍ ما آخراً… وحتماً.

وهناك، حيثُ تكمنُ الحقائقُ الدامغةُ، الموثّقةُ بالصوتِ والصورة والتحقيقات والمقابلات الصحفية العلنية ـ دون خجلٍ في سفور الوجه البشع ـ للمدعوة فجر السعيد، والتي صرّحت جَهاراً، مِراراً وتكراراً، بضرورة التطبيعِ مع الكيان الغاصب، الجاثم على أرض فلسطين، لا بل أقدمت على دخول الأراضي الفلسطينية المُحتلة والتقت بجمعٍ منهم ـ كما ارتكب عددٌ من الإعلاميين “العرب” الخطيئة عينها  خلال العام 2019 ـ عدا عن تصريحاتها المذهبية الفتنوية المناهضة لكل قوى المقاومة في الكيانين اللبناني والفلسطيني على حدٍ سواء. فهل هذه كُلها، تنطبقُ عليها معاييرُ ” حريةُ الرأي والتعبيروالتنقّلِ… وحقوق الإنسان؟

أم العمالةُ الصارخة في العقول الممخرقةِ المُطبّعة؟

وحبّذا لو قرأ “أولي الألباب” مقالة “مايكل سينغ” بعنوان: “التطبيع العربي الإسرائيلي قد يعيد تشكيل الشرق الأوسط” إذ يقول” ويقيناً، تولّدُ “اتفاقيات إبراهيم” تحديات أيضاً. فقد تقلل من بروز القضية الفلسطينية، التي تتراجع أهميتها الدولية منذ عقود. ولا ترتكز الاتفاقيات على أعراف أو تقاليد سياسية مشتركة، ولذلك فمن غير المرجح أن تعزز حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. بل إن هناك مخاطرة أن تأمل الدول في استغلال الثناء الدولي الذي يأتي من تطبيع العلاقات مع إسرائيل لصرف الانتباه عن هذه القضايا.”*  

ناهيكَ عن حَفنةٍ مماثلة، تنكّبت للدفاعِ عن “السعيد” مستخدمةً الذرائع المذكورة، في زعافِ الحقد الشوفيني الأعمى والتطبيع الممنهج مع اليهود ـ وليس وليد الساعة طبعاً ـ  فبئس العقل النافقِ على لسان المنافق.

إننا، وإذ نجدُ طلاّبنا، في خطرٍ داهمٍ، نجد جامعاتنا، وفي مقدمها الجامعة الأم (الجامعة اللبنانية) في عينِ العاصفة، وفي استهدافٍ مباشرٍ لتوجيهها نحو تطبيعٍ ثقافيٍ “ناعم”، فلقد وُضع الطالبُ أمام خيارين، إمّا أن يُماهي “يعقوبَ” في سؤالهِ فينال العلامة السنوية الأخيرة، التي تحددُ ترفيعهُ أو تخرّجهُ من عدمهِ، أو أن يجيب كما تستحقُ الإجابة في وقفة العز القومي، فيطعنَ خلافاً، إمّا لإسقاطهِ أو إسكاته.

إننا نقفُ، مع الأحرار من أبناء شعبنا، طلاّباً وأساتذةٍ ومثقفين، لنقول لكل من “يعنيه الأمر” بأن تطبيعكم ومؤامراتكم لن تمرَّ مهما بلغت التضحيات، وما استلزمتهُ المواجهة من مقاومةٍ ثقافيةٍ كانت أم في بقعة الروع المباشر، واعلموا بأن طلبة الحزب السوري القومي الاجتماعي، وكل من شابههم وطنيةً وإباءً، لن يسمحوا بشيطنة المسألة الفلسطينية ولا بالتخلي عن الثوابت، بل لن يسمحوا طالما فيهم عِرقٌ ينبُض، بتقديسِ المُدنّس وتدنيس المقدّس.  

  عمدة الإذاعة في: 19/06/2023                                                       وكيل عميد الإذاعة                                                                                                    الرفيق مكرم العريضي

مايكل سينغ: “التطبيع العربي الإسرائيلي قد يعيد تشكيل الشرق الأوسط”

الإصدار 101، العدد 2، آذار – نيسان 2022).) ForeignAffairs   

   (مايكل سينغ : مدير شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي                                                                                       خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش)