المصالحة السعودية الايرانية في بكين: نهاية زمن وبداية ازمنه

ماذا تستطيع اميركا، اين ومتى ستضرب الحرب

الاتفاق السعودي الايراني من منصة بكين خبر ليس عادي وحدث ينتمي الى الاحداث النوعية بل التاريخية المؤسسة لتحولات فرط استراتيجية.

والاكثر اهمية على الاطلاق والاعمق دلالات ليس المصالحة على اهميتها القصوى فحسب. انما المكان والزمان والمضيف.

فهي المرة الاولى في التاريخ الذي تنتقل فيه الصين من الدفاعية والخمول الابدي الى الحيوية والمبادرة، ومن الاقليمية الى العالمية باقتدار وامتياز، وبتحدي سافر لأمريكا والاطلسي وفي اخطر واهم مناطق سيطرتهم ومصالحهم، والاكثر اهمية ان هذه النقلة التاريخية تجري بهدوء وثقة وبوعي وبتخطيط متقن وبعيد المدى.

فالصين انهت مؤتمر حزبها بوثيقة سياسية برنامجية، واقعية عارفة بما هو جار اليوم وبما سيكون غدا وقررت ان الغد يجب ان يكون طوعها هي اولا وعلى نموذجها هي لا مكان فيه للنموذج الانكلو ساكسوني العدواني والمتوحش المتراجع بتسارع.

واتمت مؤتمرها ووثيقته الاستراتيجية بالتجديد لرئيسها واحداث تغيرات نوعية ودالة في قيادتها، فوزيرها للدفاع تحت العقوبات الامريكية، والاعلان عن المصالحة السعودية الايراني في يوم التجديد لولاية ثالثة لرئيسها، وبعد ان زادت موازناتها العسكرية، واعلنت انها ستمتلك جيشا فولاذيا، وبمستويات عالمية.

الصين الخاملة تحولت الى قوة هجومية مبادرة دبلوماسيا واقتصاديا وتقترب من المبادرة العسكرية وقد امنت نفسها اولا اقتصاديا، وكأكبر واحدث قوة بحرية عالمية، وتتساند مع الدور الروسي الهجومي عسكريا، ودبلوماسيا، ومستفيدة من الحرب الاوكرانية ومساراتها ومستعدة بل مساهمة في تسريع انهيار الاقتصاد الرأسمالي في حقبته الليبرالية المتوحشة وتستعجل الانهيار.

فقد كرست نفسها وعملتها قطبية عالمية وامنت تبادلاتها التجارية بالعملات الوطنية وانشات شبكة العلاقات المصلحية التفاعلية مع شنغهاي والبريكس وافريقيا وامريكا اللاتينية، ومع الهند وباكستان، وعندما حان الوقت ضربت ضربتها في الخليج ومع اهم واخطر منتجين للنفط والغاز، والبتروكيماويات وفي قلب قلب العالم، فحققت مكسبا وخطوة غير مسبوقة في تاريخها واعلنت تسوية بين قطبين اقليميين احتربا لأربعة واربعين سنة في مختلف الساحات والمسارح وعطل صراعهما الاقليم من التطور وحرمه من استعادة مكانته في العالم وبين الامم.

استضافت الصين في وقت مدروس جدا الحوار لأربعة ايام وانجزت المهمة التي بدأت في بغداد وسلطنة عمان وتم اعلان الاتفاق ببيان رسمي وباحتفالية اعلامية عصفت بإسرائيل وحكومتها اليمينة وهزت مكانتها واسقطت كل رهاناتها واستراتيجياتها كالتتبيع والابراهيمية وصفقة القرن ومحاولات بناء خط دفاع اقليمي عنها وهي مأزومة، وجعلت من تهويلها واستعداداتها لحرب ضد ايران موضع تساؤلات .

فاجأت الخطوة امريكا واربكتها وهزت سمعتها وكشفت عن انحسار سيطرتها وهيمنتها في العرب والمسلمين وانحسارها من الاقليم وجاءت خطوة الاعلان عن المصالحة بين ايران والسعودية، بمثابة طلقة الرحمة واخر المسامير بنعش الهيمنة الامريكية والعالم الاحادي والعالم الانكلو ساكسوني وقد لا تكون مسألة عابرة تلازم المصالحة وتعويم الصين في الاقليم الحاكم بتوازنات العالم والمقرر من يسود ومن ينهار، فجاءت الخطوة كإشارات بداية انهيار وافلاس القطاع المصرفي الامريكي الأوروبي تعبيرا وتجسيدا  للتحولات التاريخية العالمية الجارية، وفي الغالب دلالات التفاهمات الايرانية السعودية من بكين، تخط اول حروف ازمنه لتاريخ جديد تستعيد فيه اسيا مكانتها ودورها ويعود الاقليم حاكما وشريكا في تقرير مصيره ومصائر القوى العالمية والاقليمية.

غدا؛ ماذا عن الرابحون والخاسرون؟

السعودية امنت نفسها قبل ان تحسم امرها..

أسئلة كثيرة طرحتها المفاجأة التي لم يكن يتوقعها كثيرون، فمازالت امريكا القوية تعشعش في التفكير، ومازال البحث جاريا على انها السيد المطلق الذي لا يهتز له شعرة، ومازال العقل متبلدا عند مواقف قديمة من السعودية وادارتها ولم يدرك الكثيرون كنه التحولات الثورية والعميقة جدا التي اقدم عليها الامير الشاب محمد بن سلمان، وغير فيها هيكليا وجوهريا واعاد صياغتها على نحو مختلف مما كانته، واسس بها مكانة ودور وعلاقة ندية مع امريكا والغرب واقترب كثيرا من روسيا والصين وعمق التبادلات الاقتصادية والعسكرية وقد اختبر عن قرب وبعمق امريكا وعقلها ونهجها وشاهدها وهي تنسحب ذليلة من افغانستان، وتتخلى عنه ودفاعاتها الجوية فاشلة في التصدي لصواريخ ومسيرات الحوثي من اليمن، واختبر حقيقة امريكا التي تبتز وتفقر وتصادر الاموال وتمول نفسها على حساب الجميع وخاصة الذين يسمون انفسهم حلفاء وهم ليسوا في عرفها الا اجراء وسوق وبرك ثروات واموال. وشاهد حقيقة ان امريكا اضعفت اوروبا واسقطتها تحت هيمنتها وحولتها الى جمهوريات موز، ومزاحمتها في صفقات السلاح الفرنسي مع استراليا  وسويسرة والزمت اوروبا خوض حروبها في اوكرانيا واستنزاف قدراتها وتصفية صناعاتها لاسيما الالمانية وبيعها الغاز بخمسة اضعاف سعر الروسي.

وبعد تسع سنوات من انقلابه على الاسرة وسجن اعمامه وأبنائهم وتصفية الوهابية، واركانها، وسحق مراكز النفوذ للأسرة والسعودية والوهابية واستعاد اموال في حملته على الفساد، ولبى طموحات الشباب وحاجاتهم والنساء ونقل السعودية من الماضي السحيق الى العصر،  واطلق مشاريعه الطموحة جدا، وقرر ان الاموال يجب ان تنفق في السعودية وليس في امريكا واوروبا ولا تجميعها في المصارف والاستثمارات لتبدد بشحطة قلم امريكي او بإفلاس كل عناصره كانت واضحة ومعروفة لمن يفعل العقل والبحث.

توجه شرقا وامن نفسه ومملكته، وادار الضهر لأمريكا يوم استولى عليها الديمقراطيين الذين ناصبوه العداء وعملوا على عزله وحاولوا سحقه. وحزم امره شرقا بعد ان خسر الرهان على انتصار ترامب في الانتخابات النصفية ونوع من العلاقات ومن السلاح والتبادلات الاقتصادية، ولم يعد يضع بيضه في سلة واحدة.

لماذا لا يستطيع بن سلمان اخذ مسافة عن امريكا وترتيب اوضاع دولته الوازنة في النفط والمال والقدرات في واقع عربي بائس واسلامي عاجز ومتوتر وقد خرجت تركيا من ميزان القوى الاقليمية الوازنة وإسرائيل مأزومة الى حد احتمالات حربها الاهلية، ومصر منشغلة عن وظيفة استعادة عروبتها ومكانتها وسورية مدمرة والعراق في غيبوبة قد تطول كثيرا، وهي العواصم الحوامل لمشروع عربي عصري يشد اواصر العالم الاسلامي والثالث ويتحول الى قوة عالمية لو فعلت العواصم قدراتها كما فعلت الناصرية في دول عدم الانحياز ولم يكن الزمن والتوازنات ناضجة كما هي اليوم، فلماذا لا يستثمر ويعيد انتاج دور وازن للسعودية يلبي الحاجات التاريخية والمهام التي تخلف عنها من يستطيع، ومن كان بمثابة القوة الركنية في انهاض العرب والمسلمين فاين قدرات بغداد ودمشق والقاهرة، ومن قال ان الفرصة والزمن ينتظر طويلا؟؟.

لماذا لا يفكر بن سلمان بإنهاء حرب اليمن بعد ان حققت مبتغاها عنده وكلفت وتكلف السعودية ثروات طائلة، وبات الاماراتي والايراني اكثر المستفيدين. وبدأت امريكا واوروبا ترسخ نفوذها وتنهب الثروات بينما السعودي يتحمل الاوزار والمسؤوليات، وماذا يخسر بان يعيد العلاقة مع سورية، وان يؤمن لبنان ، ويطفا الجمر في العراق، فما الذي حققته السعودية لأربعة واربعين سنة من معادات ايران وافتعال وتمويل حروب امريكا وإسرائيل العربية والاسلامية وتمويل مصانع السلاح والمصارف الامريكية المتعثرة والموازنة الامريكية المثقوبة بالديون والفساد والبيروقراطية.

افتراض ان قيادة السعودية مع بن سلمان متخلفة وقاصرة وعاجزة عن التفكير والتأسيس لدور اقليمي مستقبلي لها والمساهمة بإملاء فراغ الانسحاب الامريكي والاطلسي تفكير عقيم وعقائدي وثأري ومتقادم.

وماذا تخسر ايران واو السعودية من المصالحة وتبريد الساحات والتفكير بعلاقات الجيرة والتفاعل والمصالح المشتركة؟؟

فايران رابح رابح، بعد ان صمدت وقاتلت وتحولت الى قوة مرهوبة ومعترف لها بمكانتها ووزنها، فالتصالح مع السعودية يلبي طموحاتها، وينسجم مع شعاراتها وجهودها التي بذلتها لوقف الحروب واستهدافها ظلما وبلا ذرائع او اسباب.

من يخسر، ولماذا؟؟

امريكا تخسر كثيرا، والاهم انها ستفقد السيطرة على سوق النفط والغاز، وينتهي عصر البترو دولار، وستفقد اسباب وذرائع وجودها العسكري والامني ونشر قواعدها واساطيلها في المنطقة لاحتلالها وابتزازها والتحكم بقراراتها ومصالحها، وافتعال الحروب، والفوضى وبتراجع الدور والهيمنة الامريكية من الاقليم سيسهم بتسارع انحسارها ويعطي دفعا للدول الوازنة للتحرر من هيمنتها وتغيير اشرعتها، ومع انحسار امريكا وتراجع قدراتها ونفوذها ستأخذ معها اوروبا والاطلسي، وحلفائها، ومن بين اهم الخاسرين اسرائيل التي صعقت بالخبر وخرجت منها اصوات تنعي خططها واستراتيجياتها وانهيار مشاريعها وخطوط الدفاع الاقليمية التي حاولت احاطة نفسها فيها.

فقد مثل الاتفاق الايراني السعودي ومن منصة بكين ضربة قاصمة لإسرائيل ونفوذها ومستقبلها ودورها في العرب والاقليم، معطوفا على ازماتها المتفجرة وظهور علامات عجزها في مواجهة الثورة المسلحة الجارية في فلسطين التاريخية ومن غير المستبعد ان تشهد الايام والاسابيع القادمة تطورات عاصفة قد تفرض جولة عنف مفتوحة على احتمالات الحرب الكبيرة التي ابلغ السيد حسن نصرالله ضيوفه بحتميتها وبقرب موعدها وبالتعامل معها على انها الحرب الكبرى التي ستحرر فلسطين من البحر الى النهر.

روسيا في حربها الاوكرانية مستفيد وكاسب، فكل واي خطوة او عمل تتقلص بنتيجته السيطرة الامريكية في اي مكان هو نتيجة ومكسب كبير لروسيا يستعجل نصرها ويقلص قدرات امريكا والاطلسي على اسناد الأوكراني واستمرار التحرش بروسيا واستنزافها وفرض الحصار عليها.

ماذا عن مستقبل العلاقات السعودية الامريكية وكيف سترد امريكا لتعطيل الاتفاق وابقاء السعودية تحت الامرة، وماذا عن حرب تدمير الاقليم بتكلف اسرائيل الانتحار فيها؟؟

غدا؛ ماذا عن التطبيع بين السعودية واسرائيل وموقف ايران منه؟؟

نهاية زمن وبداية أزمنة

ماذا تستطيع امريكا لإعاقة المصالحة؟ وهل الشهرين للاختبار والتطمين لتامين انقلاب وغدر سعودي بإيران؟ ام هي تطمين لإيران وتحييد للسعودية من حرب اتخذ قرارها وكلفت بها اسرائيل وجال في المنطقة وزير الدفاع وقائد الاركان الامريكية لتامين مسرحها وحشد قواها وجيوشها..

لا شيء مضمون في المستقبل، ولا منهج يجيز للباحث خاصة المستقبلي بان يجزم ويحدد المواعيد للإحداث والتطورات الاتية؟؟ وان كانت سيناريوهات المستقبل تحت ناظرنا الا اننا نستطيع ترجيح الاحتمالات ومن غير الجائز ضرب مواعيد محددة باليوم والساعة.

وبعقل منفتح، وتفاعلي، وبمنهج علمي، نأخذ الامور والمعطيات لنعالجها واقعيا وموضوعيا.

المنطقي ان امريكا وحلفها لن يقبلوا الهزيمة والسقوط بالضربة القاضية ومن بكين، والمنطقي ايضا ان تبذل امريكا التي تتراجع لكنها مازالت قوية، وقد رعت السعودية والتزمت امنها وامن الاسرة منذ سبعين سنة ونيف، الا تقبل خطوة انقلابية من الامير الشاب والمتحمس والساعي الى الملك والى دور محوري للسعودية في العرب والاقليم وعينه على وراثة المكانة العربية وقيادة العالم الاسلامي ومحاولة املاء الفراغ…

والمعطيات تفيد، بانه اذا كان مازال للأمريكيين اقلهم الديمقراطيين والبنتاغون الذين ناصبوه العداء، وحسبوه على لوبي الامركة الذي مثله ترامب، وحاولوا كسره وعزله، فان كان لهم باع، ونفوذ وقدرة واختراقات فسيحاولون لجمه بل سحقه وقتله ان توفرت لهم السبل. فاحتمال اغتياله امر قائم وهدف مؤكد للمتضررين من الخطوة والنتيجة علمها عند الله وحده فلا يتجرا احد على الجزم بها.

واذا فشلت المحاولات وكان الامير قد احتسب لها وامن نفسه وقيادته وهذا امر منطقي فقد امضى تسع سنوات في هيمنته وانقلابه وقبل الانقلاب كان بين الامراء المميزين وتاليا هو عارف بعناصر ومصادر قوة امريكا وشبكاتها واختراقاتها في السعودية والاسرة والاجهزة والمجتمع، فالمنطقي انه قام بتصفيتها وامن نفسه وحكمه، وسبق ان صدم بايدن واستهتر به في زيارته للسعودية، ورفض مطالبه وحقق ما طلبه بوتين مضاعفا بما يخص الانتاج النفطي، واستضاف قمة مع الرئيس الصيني بتكريم نوعي وتعاقدات مجزية جدا، ولهذا ارجح الا يستطيعون هز ملكه وتفكيك قاعدته وعناصر قوته بالوسائط التقليدية وبإثارة الصراعات بين اجنحة الاسرة او الاجهزة والتكتلات والقبائل وبالوهابية المسحوقة.

ولكن اذا كان لأمريكا وحلفها ادوات كمثل القوى المتطرفة والإرهابية من فصائل القاعدة وداعش والنصرة واخواتها، ونجحوا في حمايتها والمنطقي ان القواعد الوهابية التي تم سحقها تمثل لها بيئات حاضنة، واذا كان للإخوان المسلمين من تنظيمات وعناصر قوة في السعودية فيصبح احتمال سوق السعودية الى المتاعب والازمات والفوضى امر راهن واحتمالاته كبيرة، ولكوننا لا نملك معطيات مادية موثقة فلا نستطيع ترجيحه كاحتمال ولا نستطيع استطلاع مسارات الازمة وتوازنات القوى فيها الا ان المؤكد ان امريكا لا تخرج من مسرح ولا تخسر ساحة الا وتفكر بتدميرها وتركها خرابا، واشعال الحرائق فيها ما استطاعت فكيف بالسعودية والخليج عموما وبإزاء ايران.

وامريكا تفتعل الحروب وتورط اوروبا والعالم بقصد التفرد بسوق النفط والغاز لتسويق منتجاتها من الصخري مرتفع الاكلاف والذي تحتاجه لترميم ازماتها والحرب الاوكرانية ونسف خطوط نقل الغاز والعقوبات على روسيا وقسر اوروبا لشراء النفط والغاز الامريكي بخمسة اضعاف اسعار الروسي دليل قاطع.

الحرب الأمريكية بأداتها اسرائيل لتدمير الاقليم وتحطيم منافس رئيسي في اسواق النفط والغاز بعد ان فشلت بإزالة الروسي، ومن الاهداف المحورية ردع الصين وتأزيمها اقتصاديا وحرمانها من الطاقة الرخيصة لأسقاط منافستها العالمية وصعودها…

فليس من رادع بل كل الحوافز تدفع امريكا لمغامرة  حرب تدمير واشعال الحرائق بما في ذلك التضحية بإسرائيل التي باتت عبئا ولم تعد كنزا ثمينا، ودفعها للانتحار فهي كلب صيد امريكي فقد قدراته، وتوريطه بحرب حتى لو نتيجتها تصفية اسرائيل مكسب امريكي تتخلص منها، وعبرها تدمر ايران وربما الخليج ومصادر الطاقة وتتفرد، وترتاح لعقود من خطر صعود الاقليم كمحور في العالم الجديد ما يمنح امريكا فرصة لإعادة ترميم وضعها ومكانتها.

في الاحتمال؛ الحرب للتدمير وليست بدوافع الانتصار او الربح وبين الاهداف ترك الاقليم مدمر وبحالة فوضى وامريكا تستثمر بالفوضى وتسميها خلاقة ايضا.

ما الذي يحول دون الحرب؛

امريكا وازماتها وتسارع احتمالات انفجار الاقتصاد.

الحرب الاوكرانية وخطر ان تمتد الى اوروبا وحلفاء امريكا في اسيا وحتى امريكا نفسها واليوم وقع اول اشتباك مباشر بين الطيران الروسي والامريكي المسير فوق البحر الاسود وبمبادرة روسية.

وماذا عن الصين وروسيا الصاعدتان والمستهدفتان من حرب تدمير الاقليم.

ماذا عن اسرائيل وازماتها المتفجرة، وتفكك وحدتها المجتمعية فهل تستجيب وتقوم بعمل انتحاري ام تسبقها الازمات وتحول دون تمكنها؟؟

ماذا عن ايران والمقاومة، وما انجزته من استعدادات وتحشيد لتبدا الحرب كما قال السيد حسن نصرالله واصر عليها ووصفها بالحرب الكبرى ووعد ان تقع وقريبا، فلماذا لا يبادر المحور ويجهض كل الاحتمالات وقد ازفت الساعة ومن فلسطين وتتصاعد المقاومة وتتجذر وتزداد تنظيما وقدرات وقد ارتهبت إسرائيل وارتبكت ليومين من عبوة مفرق مجدو في شمال فلسطين عبوة زرعت في باص لنقل الجنود والمستوطنتين واكتشفت وهي من شبيهات صناعة المقاومة ومحورها وليست بدائية كالتي يستخدمها المقاومون في جنين ونابلس واعتبرتها اسرائيل تطور خطير جدا، وهي تطور وخطير وجدا ايضا..

اذن؛ ليس من العلمي استبعاد الحرب واحتمالات الرغبة والحاجة الامريكية لها لكن الظروف والبيئات والتوازنات وزمن الغليان والمتغيرات المتسارعة التي تعيشها المنطقة والعالم قد تقطع على هذا الاحتمال وهو الارجح.

اما القول ان السعودية صالحت ايران ومن بكين وعينها وسعيها قائم للانضمام الى جوقة التتبيع والتطبيع، فهذا تمني اكثر منه تحليل واقعي وبكل حال ايران لم ولا تشترط على احد لمصالحته ولإقامة علاقات متينه معه بعدم التطبيع وتلك سلطنة عمان ودورها الوسيط اول من استقبل نتنياهو وربما اكثر المطبعين، والسؤال ماذا يربح بن سلمان من التطبيع المترنح ولماذا يذهب اليه؟..

غدا؛ عن العرب والمسلمين في حاضنة المصالحات والدور الصيني

زمن العرب والمسلمين بظل المصالحة والدور الصيني..

ماذا عن زيارة الاسد لموسكو والمصالحة السورية التركية؟؟

ننصح بإطلاق الخيال لتصور ماذا ستكون عليه المنطقة والاقليم اذا تحققت المصالحة وتم تصفية ذيول الماضي والتعامل مع استحقاقات الواقع ومسارات المستقبل…

فالمصالحة تنهي ٤٤ عاما من الازمات والحروب والتآمر، وقد تكلف العرب والمسلمين ملايين الضحايا ودمار هائل وانفاق باهض على السلاح والتجنيد وسبك المؤامرات وتنفيذها تجاوز الترليونات من الدولارات، والى تدمير معمم وافقار وجوع، وتخلف وهجرة، ولجوء، من الصومال الى ليبيا والسودان واليمن وسورية والعراق ولبنان وصولا لأفغانستان. فلنتخيل ان الظروف والبيئات التي انتجت كل تلك الماسي انتهت وانقلب الزمن لتفاهمات وتفاعل وتفعيل المصالح والقدرات..!! الن تصير السعودية وايران قطبان إقليميان قادرتان على حمل العرب والمسلمين الى العالمية كقطب نشط وقائد؟ اليست الاموية والعباسية والأثيوبية والعثمانية كانت امبراطوريات كبرى وعالمية وسادت لقرون عندما تألفت شعوب وامم الاقليم وتوافقت على ادارة شؤونها بالحسنى…؟؟

والمصالحة ان قيض لها التثبيت وتعمقت !! الا تساهم بتسريع تحرير فلسطين، بفعل فقدان إسرائيل لقوى اسنادها وللغلاف المحيط، وباضطرار امريكا والاطلسي الانحسار من المنطقة ووقف حروبها وتسوية امورها …!! من يسند إسرائيل ويحميها ويؤمنها ومن اجل اية وظيفة ودور ومن سيكون بحاجة لها وليتحمل كلفتها..؟؟

ولاية اسباب ولخدمة من ولأي صراع سيعطل لبنان ويفسد وينهب ويجوع شعبه؟ ولماذا ستقاطع سورية وتحاصر وتدمر وتجوع؟ والعراق واليمن وليبيا والسودان والصومال والاخريات لصالح من ومن اجل ماذا تدمر ويشرد شعبها وينهب نفطها وثرواتها؟؟ الم يكن الصراع والاحتراب السعودي الايراني هو العنصر الاساس في كل تلك الصراعات والحروب وماسيها وكوارثها.؟؟ والمصالحة من شانها حكما ان تبرد الازمات وتوفر بيئات احتوائها ومعالجاتها، وتامين الشعوب، وتوفير اسواق واسعة متكاملة بلا قيود او شروط واملاءات..

ماذا عن اعادة هيكلة العرب والمسلمين جغرافيا ونظم بعد ان انفجرت الكيانات التي صنعت بناتج الحرب العالمية الاولى ولخدمة المصالح الغربية حصرا ولاستخدام الاقليم والنظم لمحاربة اعداء الغرب واستنزافهم والمساهمة بهزيمتهم ليستمر العالم الانكلو ساكسوني مهيمنا…

على ما تقدم والكثير الكثير مما سيتغير وسيكون وعن مستقبل مختلف جوهريا عما كان يمكن اطلاق العنان للتفكير والخيال والمخيلة لاستنباط المعرفة بسيناريوهات المستقبل وتحولاته على كل الاصعدة وبالأخذ بعين الاعتبار ان الجاري اليوم هو عملية قيصرية لتوليد العالم الجديد من رحم العالم القديم بعد ان طال المخاض واستعصت الولادة وفي جغرافيا العرب والمسلمين التي شهدت اقصى واعنف الحروب والغزوات والمقاومات، ومع المصالحة بين القطبين الاقليميين وانحسار وتراجع فرص استمرار الحروب والفوضى في العرب والمسلمين تتوفر فرص ذهبية لتسريع الولادة واستعجال هزيمة وتراجع الاطلسي والهيمنة الامريكية العدوانية وتزايد فرص واحتمالات صعود اوراسيا على جناحيها الروسي والصيني وبشراكة محورية من العرب والمسلمين.

المصالحة بكل تأكيد وبالقطع ان تحققت فستكون نهاية زمن امريكا والاطلسي والعالم الانكلو ساكسوني وستكون عاملا حافزا ومسرعا لولادة العالم الجديد عالم مطبوع بطابع وقيم الشرق واسيا والعرب والمسلمين شركاء في توليده وفي بنائه وتأمينه.

انها نهاية زمن وبداية ازمنه والاتي اعظم

ومن زيارة الاسد لروسيا وما جرى فيها والاصرار الايراني الروسي على انجاز المصالحة بين تركيا وسورية والمصالحة الايرانية السعودية تستعجلها وتوفر لها المزيد من العناصر الحافزة، وعبرها يكتمل عقد المصالحات والتسويات ويتأسس تفاعل امم وشعوب ودول الاقليم وبرعاية صينية في الخليج وروسية في الشمال ليطبق على النفوذ والمصالح والادوات الأمريكية الاطلسية ويصير البحر المتوسط والاحمر والخليج والاسود والممرات والمضائق بحار متصالحة ومتحررة من الهيمنة الامريكية الأطلسية وتتأمن التجارة العالمية وتسقط حروب الحصارات والتجويع على الشعوب، وبعدها ماذا تبيع إسرائيل؟ وماذا تفعل اوروبا؟ وما دور ومستقبل امريكا في جزيرتها محاصرة ومازومة وعاجزة؟؟

المصالحة السعودية الايرانية في البيت الصيني والمصالحة السورية التركية في المنزل الروسي، ومع تسارع تحرر مصر من التعاقدات والتعامل مع امريكا والاطلسي الدونية، ستتحقق ظروف وتتجمع معطيات كلها في صالح توفر شروط وفرص استعادة العرب لمكانتهم وحيويتهم وقد لا يكون مهما بقيادة اي عاصمة وبكيفية تعامل الاقوياء فيما بينهم، فالمحقق يؤكد عودتهم الى الجغرافية والتاريخ وبعودتهم يعود الاقليم حاكما ومؤسسا في العالم الجديد وفي مستقبل البشرية.

انتهى