ليس في الأول من أذار من كل عام موعدنا معه فقط. فموعدنا معه قائم في كل حين ولحظة.. ننهل من عقيدته ولانرتوي.
هو الذي تصدى للمؤامرة الكبرى على الامة ووضع الدواء لكل العلل التي تكبل مفاصلها.
هو الذي خطط كالعلماء، واستشرف كالانبياء.
هو الذي عرف كيف يستنفر القدرات الكامنة فينا، ويجعلنا نسيرُ جسماً وروحاً واحدة متعاونين متضامنين في سبيل بلوغ الغاية الكبرى، وهي عز الامة ونهضتها.
هو الذي أدرك إن الطائفية علة مصطنعة زرعها الاستعمار فينا، لتفكيك اوصالنا، وذلك خوفاً من وحدتنا المتماسكة، والتي تعجلُ في انهيار مشروعه. فأتى رده بلغة واضحة، وهي إن مصلحة الامة ليست للاستثمارات السياسية، والمتاجرة في دكاكين الغرائز والاثارة المذهبية.
هو الذي رفض ان تظل امتنا في خنادق الحماية الاجنبية المزعومة، وان تتحول إلى أممم منفصلة. فكانت عقيدته هي الرد على مشروع سايكس بيكو لتوزيع تركة الاستعمار العثماني.
هو الذي أدرك بنفاذ بصيرته خطر المشروع اليهودي، وفضح ادعائته، ودعا لمواجهته حفاظاً على بقاء الامة ووجودها.
هو الذي حول حياتنا إلى ربيع مقاوم متمرد
هو الذي أرشدنا إلى طريق الواجب
هو الذي كان له في السياسة خطاب واضح لالبس فيه بعيد عن الذهنية السياسية التلقيدية المهيمنة.
هو الذي لم ينفعل او يثور إلا لكرامة امته وشعبه.
هو الذي لم يستغل عبقريته لتأمين نفوذ ومال وجاه.
هو الذي كان قدوة في نبل الاخلاق، والشغف بالعطاء حتى الاستشهاد.
هو الذي أعلن احترامه للقيم الدينية السماوية، ودعا إلى تنزيهها عن المتاجرة في حوانيت الطائفية.
هو الذي امن بنا شعباً متضامناً بحكم المصير الواحد والمصلحة الواحدة.
هو الذي امنا به معلماً صاحب عقيدة لايطويها الزمن، ولاتنكسها العواصف مهما اشتدت
هو الذي غيابه لايعوض في مشارق الارض ومغاربها.
ولأنه كان تغييرياً جذرياً توجسه البعض وخافوه، فقاوموا دعوته وناهضوها بالاستخفاف احياناً وبالاتهام باللاواقعية، وبالتجروء على اعتبار عبقريته جنوناً احياناً اخرى.
وعندما فقدو الامل في تطويعه، حاولوا ان يقطعوا عليه الطريق بمؤامرة دنيئة حاكوها ضده، ولكنه انتصر عليها بكلماته الاخيرة، والتي ارتقت به إلى ذروة المجد.
أنه انطون سعاده مستقلبنا بامتياز.