الأول من آذار 1904، ظهرت الشخصية التي ستؤثر المجتمع وستؤثر في منحى تطور هذا المجتمع. ظهرت الشخصية التي ستتولى زعامة النهضة السورية القومية الاجتماعية، ليضع مبادئها ويشرح عقيدتها، ليرسم الطريق ويحدد الأهداف فأوجد السمات المستقبلية لهذه الأمة، فكان الرجل الذي لا يهدأ ولا تهدأ حركته ليل نهار فقد كان فوق أخلاق الجماعة وشريعتها وقيمها وآمالها، فكان سؤاله؟
«ما الذي جلب هذا الويل لأمتي »
ولم تمض سنوات قليلة حتى اكتمل هذا النهج الدراسي النظري ليوضع موضع الامتحان بإعلان ظهور الحزب السوري القومي الاجتماعي 1932. لتبدأ بذلك مرحلة جديدة في سجل الحياة السورية المعاصرة فكان من شأن ذلك كله إطلاق حركة الحداثة، فكان لسعادة منهج إصلاحي يستند إلى التفاعل ما بين الفرد وما يخصه وبين المجتمع وما يخصه. وبذلك أعطى سعادة النظرة الفلسفية الاجتماعية الجديدة التي دعا أمته والعالم لدراستها وتبنيها وتطبيقها في الحياة وهي النظرة المادية الروحية، النظرة التي تقول بتفاعل القوى الإنسانية في المجتمع لانتصارها، إذ أن التفاعل هو الذي يوحد هذه القوى ويصهرها في بوتقة مجتمعية واحدة والتضارب هو الذي يفرقها ويعيدها لتصبح هباءً منثوراً.
«ويل للضعفاء المستسلمين» قالها سعادة منذ أمد بعيد وها نحن نطل على العالم وهو يتخبط في نظرياته الجزئية الناقصة، والضلال يعم البشرية كلها والمجتمعات الانسانية تعاني كلٌّ في داخلها أزمات قاتلة لا حصر لها.
إذا نظرنا إلى نظرياتنا ونفسياتنا لنجد المنهج السليم والطريق القويم الذي وضعه لنا سعادة رغم ما نعانيه من ضغوط خارجية وتيارات عدائية كثيرة تريد أن تقض وتهدم هذا الفكر العظيم، فأخبرنا سعادة مسبقاً عما سنواجهه ونحن ما زلنا أقوياء لأننا أقوياء بفكر سعادة، ونعلم أن ما نعانيه وما يعانيه الذين حولنا من تخبط لا يقوم إلا بنظرة سعادة للحياة والكون والفن. وبذلك ندرك أنها مهمة هامة أساسية تقع على عاتق كل الرفقاء القوميين، أن نعود لدراسة منهج سعادة والسير على الطريق الذي وضعه سعادة فمن المطلوب منا ومن الأجيال الطالعة أن تدرس وتتأمل في حياة وإنجازات هذا العظيم من أمتنا لكي نعرف ويعرفوا أن رجلاً من هذا الوطن قد حقق في عمره القصير معجزة العصور كلها. حيث قال: « إنها أمة هادية ومعلمة للأمم»
ثمة متغيرات كثيرة وقعت في السنوات الماضية، متغيرات هيكلية كبرى على مستوى الجغرافيا السياسية وتالياً الفكر السياسي. وتبقى ثوابت سعادة وأفكاره ومبادئه ثابتة قوية، وليعلن قوة هذه الأمة وبأن العقيدة القومية الاجتماعية هي العقيدة الأمثل والأفضل لبناء هذه الأمة وتحقيق غاية سعادة وغاية الحزب، بأنها قضية شاملة تتناول الحياة من أساسها وجميع جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والروحية والمناقبية، فهي تحيط بالمثل العليا القومية والغرض من الاستقلال وإنشاء مجتمع قومي صحيح وتأسيس عقلية أخلاقية جديدة ووضع أساس مناقبي جديد وهو ما تشتمل عليه مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي (أساسية – إصلاحية).
إن الاحتفال بالأول من آذار لم يبق ولم يكن يوماً احتفالاً بميلاد إنسان، بل كرسه حضرة الزعيم بأهم من ذلك وأسمى.
في الأول من آذار 1934 قال: «سواء أفهمونا أم أساؤوا فهمنا فإننا نعمل للحياة، ولن نتخلى عنها».
في الأول من آذار 1935 أقسم سعادة قسم الزعامة حيث جاء فيه: أنا أنطون سعادة أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي على أني أقف نفسي على أمتي السورية ووطني سورية، عاملاً لحياتهما ورقيهما … وأن أتولى زعامة الحزب السوري القومي الاجتماعي وأستعمل سلطة الزعامة وقوتها وصلاحياتها في سبيل فلاح الحزب وتحقيق قضيته ….
في الأول من آذار 1936 أطلق سعادة من سجنه أول نشيد قومي للأمة: سوريا لك السلام
في الأول من آذار 1937 أعلن من سجنه بياناً هاماً وفيه أن الحزب القومي أُنشِئ لتأسيس العقيدة القومية الصحيحة.
في الأول من آذار 1938 أهدى سعادة الأمة كتابه نشوء الأمم. وأعلن في خطاب وثائقي: ليست مبادئكم أيها القوميون الاجتماعيون خطة سياسية، إنها مبادئ قضيتكم … إنها مبادئ نهضتكم.
في الأول من آذار 1940 قال: إني لا أتصور هذه الحفلة أُعِدَّت لشخصي مجرداً عن التعاليم القومية الاجتماعية وعن الحركة السورية القومية الاجتماعية. بل أُعِدَّت من أجل أنني أقود الحركة السورية القومية الاجتماعية.
في الأول من آذار 1947 عاد حضرة الزعيم من مغتربه القسري إلى الوطن.
في الأول من آذار 1949 تحدث حضرة الزعيم عن الروحية القومية الاجتماعية وعن قسم الزعامة. معتبرا» إن الحركة القومية الاجتماعية هي حركة صراع لأنها حركة حرية، حركة انتصار لأنها حركة حق .فإذا تمسكنا بإيماننا القومي الذي هدانا إلى الحق فإننا ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ.