وقاحة المبعوثين وإرادتنا

حلت ضيفة على بلادنا ملكه جمال البرتقال السابقة ومبعوثه الإدارة الأمريكية التي خلفت في مهمتها عاموس هوكشتاين، السيدة مورجان اورتاجوس المتهودة الجميلة والفخورة بارتدائها النجمة السداسية في جيدها وأصبعها التي تؤكد انحيازها و ترسل من خلال إشاراتها رسالة إرادتها واضحة لا لبس فيها، فما صرحت به في القصر الجمهوري لم يأتي من خارج السياق وإنما امتداداً للإشارات السابقة واقتداء بالرئيس الأمريكي الذي يمارس شكل غير مسبوق في السلوك  الدبلوماسي ويخرج عن أداب الحديث المألوف بما يثير القرف والدهشة على حد سواء عند حلفائه وخصومه.

مثلت تصريحاتها في القصر الجمهوري مهانة لا للمكان فقط ولا للعهد الجديد أو المقاومة وإنما لكل لبنان و لرمزيات الدفاع عنه كما مثلت أيضاً طريقه فظة للتدخل في شؤون البلد وفرض الإملاءات عليها وبما يفوق ما كان يملك المندوب السهم الفرنسي في الشام ولبنان أو الإنجليزي في فلسطين والعراق فقد أصبحت هي لا الشعب اللبناني من تحدد من يحق له  المشاركتة بالحكومة ومن يحظر عليه المشاركة في الحكومة. أرادت أن تقول أن المقاومة قد هزمت في حربها مع الاحتلال ولكن على كل لبنان أن يدفع ثمن الهزيمة التي تفترضها وان محور المقاومة بدوره قد هزم وان على الجميع في المنطقة من كيانات قومية أو إقليمية أن تدفع الثمن حتى أولئك الموالين والخاضعين للإدارة الإمريكية و أولئك الذين طبعوا مع الاحتلال ولم تعفيهم مشاركتهم الظاهرة أو الباطنة في دعم دوله الاحتلال أثناء الحرب من أن يكونوا شركاء في الخسارة، فلبنان وغيره من الكيانات إذا أرادت أن تحظى بنعمه الرضا الأمريكي فما  عليها إلا نبذ المقاومة ومنعها من المشاركة بالسلطة الأمر الذي يعني شرط إخراج نفوذ الإيراني من على ساحل المتوسط الشرقي.

وفي التفاعلات التي يجب ملاحظتها أن هذه الزيارة وما اطلقته الزائرة  من تصريحات أنها قد نفخت في صفارة الانطلاق لهيئة تحرير الشام الحاكمة في دمشق لترفع من وتيره هجومها واشتباكها مع العشائر في بعلبك والهرمل التي تتهمها بتهريب المخدرات والسلاح إلى لبنان، ولكن أعداء المقاومة من غرب وعرب يرون في بعلبك الهرمل وعشائرها الخزان البشري للمقاومة وبهذا تقوم هيئه تحرير الشام بمشاغله المقاومة في دور المشترك مع ما يجري في الجنوب الذي يقوم به وهو الدور الذي يقوم به الإسرائيلي بقتل المدنيين ونصف وإحراق البيوت، وصبيحة اللاحد قام الطيران الحربي الإسرائيلي بقصف المناطق الحدودية مستهدفا العشائر، فيما ذكرت صحيفة (حداشوت) العبرية صراحة أن ذلك قد حصل بطلب مباشر من حكام دمشق الجدد الذين عجزت هيئتهم عن تحقيق تقدم في عملياتها العسكرية.

بهذا تستأنف هيئه تحرير الشام وظيفتها في خدمه الأجندة الأمريكية – الخليجية – (الإسرائيلية) ولا شيء تغير في منطق التكفير المصنوع حتى لو أعيد تدويره  واستبدل أبو محمد الجولاني ذو اللحية الكثة والعمامة بالأستاذ احمد الشرع صاحب اللحية المشذبة والهندام الأنيق والساعة السويسرية الفاخرة.

وإذا كان لبنان الرسمي يستطيع احتمال هذه المهانة ويعتبرها منسجمة مع أيمانه بحريه الراي والتعبير فان من حق المواطن أن يعرف رأي الرئيس الجديد في مثل هذه القضايا أيضاً التزاماً بحريه الرأي وباعتبار أن رأيه ليس مساله شخصيه وإنما مسألة عامه بحكمه موقعه.

أسئلة تطرح نفسها بقوه وإلحاح أهمها: هل تستطيع المقاومة والقوى الحية في بلادنا ابتلاع هذا الطعام المسموم الجواب ليس جاهزاً وإنما بانتظار مسالتين تفصلنا عنهن  الأيام القادمة، المسألة الأولى في 18 شباط فقد أشارت المبعوثة الأمريكية إلى أن ما سيجري هو إعادة انتشار للجيش الإسرائيلي والجيش اللبناني في جنوب الليطاني وهذا لا يعني الانسحاب، فهل الصيغة الملزمة للاتفاق غير الموقع هي الصيغة التي سلمها هوكشتاين للحكومة الإسرائيلية أم تلك التي حملها رئيس مجلس النواب اللبناني لقيادات المقاومة والمسالة الثانية في 23 من هذا الشهر موعد الشهر الرسمي لجثمان الشهيد حسن نصر الله و ما سيصدر من تصريحات تضاف إلى الرثائيات.